للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتخليه عنه، فإن محله لا تناسبه النعمة المطلقة التامة كما قال تعالى: ١.

فأخبر ـ سبحانه ـ أن محلهم غير ق {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ} ابل لنعمته ومع عدم القبول ففيهم مانع آخر يمنع وصولها إليهم وهو توليهم وإعراضهم إذا عرفوها وتحققوها"اهـ٢.

ومما ينبغي أن يعلم أن توسيع الرزق على بعض العباد ليس ذلك دليلاً على أنهم محبوبون عند الله ـ تعالى ـ كما أن تضييقه على بعضهم لا يدل على بغضهم فإن الدنيا يؤتيها الله من يحب ومن لا يحب فتوسيع الرزق إنما هو ابتلاء وامتحان منه ـ سبحانه ـ وتعالى لعبيده لينظر أيشكرونه أم يكفرونه؟ وفي ذلك عبرة للمعتبرين وحجة على المعاندين.

وبعد هذه اللمحة لبيان معنى الآيات الأربع المتقدمة التي جاء في بعضها التنبيه على عبودية الدعاء، نقول: إن الدعاء من أجل العبادات، بل هو أكرمها على الله ـ عز وجل ـ وقد حث الله في كتابه العزيز على إخلاص الدعاء له وحده لا شريك له وبذلك جاءت السنة التي أوحاها الله إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

الدعاء نوعان:

١ ـ دعاء عبادة.

٢ـ دعاء مسألة.

ولفظ الدعاء في القرآن الكريم يراد به هذا تارة، وهذا تارة ويراد به مجموعهما وهما متلازمان كما سنوضح ذلك.

فأما دعاء العبادة: فهو التقرب إلى الله ـ تعالى ـ بأنواع العبادات من الصلاة، والذبح، والنذر، والصيام، والحج وغيرها خوفاً من عقاب الله وطمعاً في رحمته وإن لم يكن في ذلك صيغة سؤال وطلب، فالعابد الذي يرغب في حصول مطلوبه ويخاف على فواته هو سائل لما يطلبه بامتثال أمر الله ـ تعالى ـ.


١- سورة الأنفال آية: ٢٢ ـ ٢٣.
٢- الفوائد ص:٢٠٠ ـ ٢٠١.

<<  <   >  >>