للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربك ـ عز وجل ـ فيقضي لي حاجتي ... الخ١.

قال الذين تعلقت قلوبهم بدعاء غير الله من الأموات أهل القبور: هذا دليل على جواز دعاء غير الله من غائب وميت وصالح لأن عثمان بن حنيف علم الرجل أن يدعو الرسول بعد موته وناداه فقضيت حاجته.

وهذه القصة باطلة متناً وسنداً.

"أما من ناحية المتن فهي تدل بتركيبها، وترتيبها على أن هناك من وضعها واختلقها، وأن الصحابي الجليل عثمان بن حنيف برئ منها لأنه يعلم أن التوسل المشروع إنما يكون بدعاء الشخص المتوسل به لا بذاته كما هو المعهود عند من يجهل حقيقة التوسل المشروع.

ثم إن المعروف من حياة عثمان قبل الخلافة وبعدها أنه كان ليناً رقيقاً عطوفاً كثير الاهتمام بمصالح المسلمين العامة والخاصة، ولم يثبت أنه أهمل أحداً من قضاء حاجته بل إنه كان يتتبع احتياجات المسلمين دون أن يعلموا ذلك فضلاً عن أن شخص يدخل على عثمان ويتردد عليه مراراً، ولم يسأله عن حاجته فهذا بعيد جداً، فلا يليق بمكانة الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، ولا بمكانة من دونه من الصحابة"٢.

وأما من ناحية سند هذه القصة فهو ضعيف لأن فيها شبيب بن سعيد قال الذهبي في الميزان: "شبيب بن سعيد صدوق يغرب"٣.

وقال ابن عدي٤: "كان شبيب لعله يغلط ويهم إذا حدث من حفظه، وأرجو أنه


١- القصة بتمامها في المعجم الصغير للطبراني ١/١٨٣ ـ ١٨٤، والمعجم الكبير ٣/٣/١ـ ٢.
٢- انظر التوصل إلى حقيقة التوسل ص٢٤٢ ـ ٢٤٣ بتصرف.
٣- الميزان ٢/٢٦٢.
٤- هو: عبد الله بن عدي بن عبد الله بن محمد بن مبارك بن القطان الجرجاني أبو أحمد علامة بالحديث ورجاله، ولد سنة سبع وسبعين ومائتين، وتوفي سنة خمس وستين وثلاثمائة هجرية. أنظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء ١٦/١٥٤ ـ ١٥٧، تذكرة الحفاظ ٣/٩٤٠ ـ ٩٤٢".

<<  <   >  >>