للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لهم أن الذي يملك النفع ويدفع الضر إنما هو الله ـ وحده ـ ومن كان ذلك شأنه هو الجدير بأن يعبد وحده، وتوجه له العبادة الخالصة دون سواه.

قال ابن كثير رحمه الله تعالى حول قوله تعالى: {وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} يعني المشركين يخوفون الرسول صلى الله عليه وسلم، ويتوعدونه بأصنامهم وآلهتهم التي يدعونها من دون الله جهلاً وضلالاً"١.

وقال الرازي: "جرت العادة أن المبطلين يخوفون المحقين بالتخويفات الكثيرة فحسم الله مادة هذه الشبهة بقوله تعالى: {أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} وذكره بلفظ الاستفهام، والمراد تقرير ذلك في النفوس والأمر كذلك ... إلى أن قال: لما ثبت أن الله كاف عبده كان التخويف عبثاً وباطلاً" اهـ٢.

فعلى الإنسان أن يصدق الله ـ تعالى ـ في الإلتجاء إليه ويخلص عبودية الخوف له وحده لا شريك له، ويحذر دعوة أهل الأهواء الذين يصدون عن سبيل الله فإذا صدق في ذلك مع الله، فإنه عند ذلك لا يخاف إلا الله ـ تعالى ـ ويقوي إيمانه، وثقته بالله، مهما خوفه أهل الباطل بالتخويفات الباطلة، فإنه لا يكترث بها لأنه يعلم أن الله كافيه كل الأخطار التي تحيط به، وليعلم كل عبد أن الخوف فرضه الله على جميع عباده بدون استثناء.

قال تعالى: {فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} ٣.

قال ابن القيم حول هذه الآية: "ومن كيد عدو الله أنه يخوف المؤمنين جنده وأولياءه لئلا يجاهدوهم، ولا يأمروهم بمعروف، ولا ينهوهم عن منكر، وأخبر تعالى أن هذا من كيد الشيطان، وتخويفه ونهانا أن نخافهم، والمعنى عند جميع المفسرين يخوفهم بأوليائه، قال قتادة: يعظمهم في صدوركم، ولهذا قال: {فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} فكلما قوي إيمان العبد زال من قلبه خوف أولياء الشيطان، وكلما ضعف إيمان العبد قوي خوفه منهم" اهـ٤. فالآية دلت على أن إخلاص الخوف من الفرائض، وأنه


١- تفسير ابن كثير ٦/٩٤.
٢- التفسير الكبير ٢٦/٢٨١.
٣- سورة آل عمران آية: ٧٥.
٤- إغاثة اللهفان ١/١١٠.

<<  <   >  >>