للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شرط في إيمان الإنسان وأن العبد إذا فقد الخوف من الله ـ تعالى ـ فقد الإيمان الواجب نسأل الله السلامة من ذلك.

وقال تعالى: {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} ١.

وهذه الآية فيها الأمر بإخلاص الخوف لله ـ تعالى ـ وكما أنه تعالى جعل الرجاء لأهل الأعمال الصالحة حيث قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ٢ جعل كذلك الخوف لأهل الأعمال الصالحة إشارة منه ـ تعالى ـ أن الرجاء والخوف النافع هو ما اقترن به العمل الصالح.

قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} ٣.

فهذه الآيات ثناء من الله ـ تعالى ـ على الخائفين منه، ومدح لهم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

روى الإمام أحمد في مسنده وابن ماجة في سننه عن عائشة رضي الله عنها قالت قلت: يا رسول الله قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} أهو الذي يزني ويشرب الخمر ويسرق؟ قال: "لا يا ابنة الصديق ولكنه الرجل يصوم ويصلي ويتصدق ويخاف أن لا يقبل منه" ٤.

فالله ـ سبحانه ـ قد وصف أهل السعادة بالإحسان مع الخوف ووصف الأشقياء بالإساءة مع الأمن قال الحسن البصري رحمه الله تعالى: "عملوا والله بالطاعات واجتهدوا فيها وخافوا أن تردَّ عليهم إن المؤمن جمع إحساناً وخشية، وإن المنافق جمع إساءة وأمناً"٥.


١- سورة البقرة آية: ٤٠.
٢- سورة البقرة آية: ٢١٨.
٣- سورة المؤمنون آية: ٥٧ ـ ٦١.
٤- المسند ٦/٢٠٥، سنن ابن ماجة ٢/١٤٠٤.
٥- انظر تفسير ابن جرير ١٨/٣٢، وانظر مدارج السالكين ١/٥١٢.

<<  <   >  >>