للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللهَ} ١ دلت هذه الآية على أن خشية الله وحده دون أحد من خلقه من علامة صحة إيمان العبد بربه ـ تبارك وتعالى ـ.

قال ابن جرير رحمه الله تعالى: "ولم يخش إلا الله. يقول: ولم يرهب عقوبة شيء على معصية سوى الله"اهـ٢.

وكما دل القرآن على أن الخوف عبادة يجب إخلاصها لله ـ تعالى ـ كذلك دلت السنة على أن الخوف لا يكون إلا من الله، ولا يصرف لأحد سواه فلا خوف ولا خشية إلا منه ـ جل وعلا ـ.

وروى البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه بإسناده إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: صنع النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً فرخص فيه فتنزه عنه قوم فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فخطب فحمد الله ثم قال:: "ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه فو الله إني لأعلمكم بالله وأشدكم له خشية" ٣.

هذا الحديث بيّن ما يجب أن يكون عليه العبد المسلم وهو أن يكون على معرفة بالله أولاً: وقبل كل شيء، فإذا عرف الله، واستقرت معرفته في قلبه هنالك يكون من أشد عباد الله خشية منه ومحبة له وإنابة إليه ـ سبحانه وتعالى ـ.

وروى مسلم في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "والله إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله وأعلمكم بما أتقي" ٤.

وكذلك كان صلى الله عليه وسلم أخشى عباد الله على الإطلاق وأعلمهم بما يتقي من الأمور، وقد أكرمه الله بذلك، وهذا الإخبار منه صلى الله عليه وسلم تعليماً للأمة أن تقتدي به عليه الصلاة والسلام، فالخوف من الله ـ تعالى ـ له فضل عظيم عند الله تعالى يورث العبد رحمة الله وعفوه.

روى البخاري من حديث أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر


١- سورة التوبة آية: ١٨.
٢- جامع البيان ١٠/٩٤.
٣- ٤/٦٦.
٤- ٢/٧٨١.

<<  <   >  >>