للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا شريك له قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ} ١ ففي هذه الآية إشارة على أن التأسي بالرسول صلى الله عليه وسلم قولاً وعملاً وحالاً مما يعين على تحقيق عبودية الرجاء وقال تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} ٢.

وهذه الآية توضح لنا أن العبد إذا كان يرجو لقاء الله صادقاً مخلصاً في ذلك فإن عاقبة ذلك ونتيجة يؤدي به إلى إصلاح عمله.

قال ابن كثير رحمه الله تعالى عند قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ} ، أي ثوابه وجزاءه الصالح اهـ٣. وإضافة إلى قول ابن كثير أقول إن الآية فيها إشارة قاطعة إلى أن الرجاء لا يصح إلا مع العمل ورجاء العبد لقاء ربه الذي خلقه هو من أفضل ما يرجوه العبد المؤمن ويأمله قال العلامة ابن القيم: "وهذا الرجاء هو محض الإيمان وزبدته وإليه شخصت أبصار المشتاقين ولذلك سلاهم الله بإتيان أجل لقائه وضرب لهم أجلاً يسكن نفوسهم ويطمئنها٤" اهـ. قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ٥ وهذه الآية بينت أن من صفات المؤمنين أنهم يرجون رحمة الله بمعنى أنهم يطمعون في رحمة الله ويرجون أن يدخلهم الجنة برحمته إياهم وفضله عليهم.

قال قتادة رحمه الله تعالى: "أثنى الله على أصحاب نبيه محمد صلى الله عليه وسلم أحسن الثناء فقال: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} هؤلاء خيار هذه الأمة ثم جعلهم الله أهل رجاء كما تسمعون وأنه من رجا طلب ومن خاف هرب" اهـ٦.


١- سورة الأحزاب آية: ٢١.
٢- سورة الكهف آية: ١١٠.
٣- تفسير القرآن العظيم ٤/٤٣٢.
٤- مدارج السالكين ٢/٥٤.
٥- سورة البقرة آية: ٢١٨.
٦- انظر جامع البيان عن تأويل آي القرآن ٢/٣٥٦.

<<  <   >  >>