للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالعراف والكاهن والرمال والمنجم كلهم محادون لله ورسوله إذ أنهم يدعون العلم بالمغيبات وذلك تكذيب للقرآن والسنة إذ التصريح فيهما بأن علم الغيب من خصائص الألوهية، ومن ادعى علم الغيب فقد أنزل نفسه منزلة الألوهية وكل من ادعى ذلك يعد من المردة أهل الفجور ولو ادعى الصلاح والتقى فإن ذلك كذب وبهتان، لأن التقي الصالح لا يدعي علم الغيب ولا ينازع الله في ربوبيته ولو ادعى هذا لخرج من الإسلام لأن مدعي ذلك كذّب على الله ورسوله فقد قال تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم آمراً له بأن يقول: {وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ} ١.

وأن يقول: {قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ} ٢. إلى غير ذلك من الآيات التي تجرد علم الغيب لله وحده وتنفيه عن غيره من الأنبياء والمرسلين فضلاً عن غيرهم والذي يتأمل ما عليه القبوريون من الاعتقادات الباطلة في أن الأولياء يعلمون الغيب وأنهم النور الفائض من الله وأن فيهم من صفات الربوبية مثل العلم والقدرة والكرم ولذلك يفزعون إليهم في يسرهم وعسرهم ويحبونهم كما يحب المؤمنون ربهم ويدعونهم كدعاء المؤمنين إلههم لا قوة إلا بالله.

النوع الخامس: من رؤوس الطواغيت الذي يعبد من دون الله وهو راضٍ بالعبادة قال ـ تعالى ـ: {وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ} ٣.

قال ابن جرير رحمه الله ـ تعالى ـ يقول ـ تعالى ـ ذكره: {وَمَنْ يَقُلْ} من الملائكة {إني إله من دون الله فذلك} الذي يقول ذلك منهم {نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ} يقول: نثيبه على قيله ذلك جهنم {كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ} يقول: كما نجزي من قال: من الملائكة إني إله من دون الله جهنم كذلك نجزي ذلك كل من ظلم نفسه، فكفر بالله وعبد غيره.

وقيل: عنى بهذه الآية إبليس، وقال قائلون ذلك: إنما قلنا ذلك لأنه لا أحد من


١- سورة الأعراف آية: ١٨٨.
٢- سورة الأنعام آية: ٥٠.
٣- سورة الأنبياء آية: ٢٩.

<<  <   >  >>