للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} ١ بين الله تعالى أنهم ضعفاء وإن الذين اتخذوهم أولياء أضعف منهم فهم في ضعفهم وما قصدوه من اتخاذ الأولياء كالعنكبوت اتخذت بيتاً وهو أوهن البيوت وأضعفها وتحت هذا المثل أن هؤلاء المشركين أضعف ما كانوا حين اتخذوا من دون الله أولياء فلم يستفيدوا ممن اتخذوهم أولياء إلا ضعفاً كما قال تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزّاً * كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّا} ٢ وقال تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ * لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ} ٣ وقال ـ سبحانه ـ بعد أن ذكر هلاك الأمم الماضية من المشركين {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ} ٤ فهذه أربع آيات من آيات القرآن الكثيرة الدالة على أن من اتخذ من دون الله ولياً يتعزز به ويتكثر لم يحصل له إلا ضد مقصوده ولو علم المشركون ضعف آلهتهم، كما يعلمون ضعف بيت العنكبوت لما اتخذوهم أولياء فالذي كانوا يلتمسونه منها من قوة وعزة ونصر يكون بعكس ما يظنون"٥، ومما جاء في تأكيد اعترافهم بضعف آلهتهم حديث عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لحصين: "كم إلهاً تعبد؟ " قال سبعة ستة في الأرض وواحد في السماء قال: "من لرغبتك ورهبتك" قال الذي في السماء قال: "فاترك الستة واعبد الذي في السماء وأنا أعلمك دعوتين فأسلم وعلمه النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول: "اللهم رشدني وقني شر نفسي" ٦.

ومن ذلك أيضاً ما ورد في تلبية بعض مشركي العرب إذا أهلوا "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك"٧.

وقد جاء في أشعارهم ما يدل على أن عبادتهم للأصنام لم تكن عميقة في قرارات


١- سورة العنكبوت آية: ٤١.
٢- سورة مريم آية: ٨١ ـ ٨٢.
٣- سورة يس آية: ٧٤ ـ ٧٥.
٤- سورة هود آية: ١٠١.
٥- علام الموقعين ١/١٥٤ ـ ١٥٥.
٦- سنن الترمذي ٥/١٨٢.
٧- صحيح مسلم ٢/٨٤٣.

<<  <   >  >>