للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لغير الله تأثيراً في شيء، أو قدرة على ما لا يقدر عليه إلا الله، أو أنه يملك ضر العباد، أو نفعهم، ونحو ذلك فهذا لا تصح له عبادة لأن أساس العبادة التي تبنى عليه هو الإيمان بالله رباً متفرداً بخصائص الربوبية جميعاً.

وأما توحيد الأسماء والصفات فإنه شامل للنوعين فهو يقوم على إفراد الله ـ تعالى ـ بكل ما له من الأسماء الحسنى والصفات العلى التي لا تنبغي إلا له، ومن جملتها كونه رباً واحداً لا شريك له في ربوبيته وقد كان المشركون الأولون مقرين بتوحيد الربوبية ولكن إقرارهم هذا لم ينفعهم شيئاً، ولم يخرجهم من كفرهم وشركهم ولم يصبحوا بهذا الإقرار موحدين لله ـ جل وعلا ـ١.

وقد كانوا أيضاً: مع إقرارهم ذلك يعبدون الله ويخلصون له ذلك أنواعاً من العبادات كالحج والصدقة والذبح والنذر والدعاء وقت الإضطرار.

قال تعالى: {وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآياتِنَا إِلاَّ كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ} ٢. وكانوا يدعون أنهم على ملة إبراهيم عليه السلام. فأنزل الله تعالى: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلا نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} ٣ وكان البعض منهم يؤمن بالبعث والحساب وبعضهم يؤمن بالقدر.

قال زهير بن أبي سلمى:

يؤخر فيوضع في كتاب فيدخر ... ليوم الحساب أو يعجل فينقم ٤

وقال عنترة:

يا عبل أين من منية مهربي ... إن كان ربي في السماء قضاها٥

ومع هذا الإيمان، فإن دماءهم وأموالهم قد أبيحت لإشراكهم في توحيد العبادة


١- شرح الطحاوية ص٤٩ ـ ٨٤ بتصرف. وراجع "تيسير العزيز الحميد" ص١٧ ـ ٢٠، وانظر "كتاب صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان" ص٤٣٧ ـ ٤٥١.
٢- سورة لقمان آية: ٣٢.
٣- سورة آل عمران آية: ٦٧.
٤- المعلقات السبع مع شرحها ص٧٥.
٥- ديوان عنترة ص٧٤.

<<  <   >  >>