للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأصنام التي تعبد لقوله ـ تعالى ـ {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} ١ وقد جاء في حديث الشفاعة الطويل الذي رواه مسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كان يوم القيامة أذن مؤذن ليتبع كل أمة ما كانت تعبد فلا يبقى أحد كان يعبد غير الله ـ سبحانه ـ من الأصنام والأنصاب إلا يتساقطون في النار حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله من بر وفاجر وغبر أهل الكتاب٢ فيدعى اليهود فيقال لهم ما كنتم تعبدون قالوا: كنا نعبد عزير ابن الله فيقال: كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد فماذا تبغون؟ قالوا: عطشنا يا ربنا فاسقنا فيشار إليهم ألا تردون فيحشرون إلى النار كأنها سراب٣ يحطم بعضها بعضاً فيتساقطون في النار ثم فيدعى النصارى فيقال لهم ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد المسيح ابن الله فيقال لهم كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد فيقال لهم ماذا تبغون؟ فيقولون عطشنا يا ربنا فاسقنا قال فيشار إليهم ألا تردون؟ فيحشرون إلى جهنم كأنها سراب يحطم بعضها بعضاً فيتساقطون في النار حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله تعالى من بر وفاجر أتاهم رب العلمين سبحانه وتعالى في أدنى صورة من التي رأوه فيها قال فما تنتظرون؟ تتبع كل أمة ما كانت تعبد قالوا: يا ربنا فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما كنا إليهم ولم نصاحبهم فيقول: أنا ربكم فيقولون: نعوذ بالله منك لا نشرك بالله شيئاً "مرتين أو ثلاثاً " حتى إن بعضهم ليكاد أن ينقلب فيقول: هل بينكم وبينه آية فتعرفونه بها؟ فيقولون: نعم فيكشف عن ساقه فلا يبقى من كان يسجد لله من تلقاء نفسه إلا أذن الله له بالسجود ولا يبقى من كان يسجد اتقاء أو رياءً إلا جعل الله ظهره طبقة واحدة كلما أراد أن يسجد خر على قفاه ثم يرفعون رؤوسهم وقد تحول في صورته التي رأوه فيها أول مرة فقال: أنا ربكم فيقولون: أنت ربنا ... " الحديث٤.

هذا الحديث يبين النهاية في الآخرة لأهل الشرك وكيف يكون لهم ذلك المصير السيئ الذي تجف منه القلوب وتقشعر له الجلود نعوذ بالله من الشرك وأهله.


١- تفسير القرآن العظيم ٦/٥٩ آية: من سورة الأنبياء آية: ٩٨.
٢- غبر أهل الكتاب: معناه بقاياهم جمع غابر.
٣- السراب ما يتراءى للناس في الأرض القفر والقاع المستوى وسط النهار في الحر الشديد لامعاً مثل الماء.
٤- صحيح مسلم ١/١٦٧ ـ ١٧١.

<<  <   >  >>