للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ـ من أي شيء خلقوا؟:

لقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ـ المادة ـ التي خلق الله منها الملائكة وهي النور، فقد روى مسلم في صحيحه من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار وخلق آدم مما وصف لكم" ١.

فبين صلى الله عليه وسلم أن الملائكة خلقوا من نور، ولم يبين النبي صلى الله عليه وسلم أي نور هذا؟ الذي خلقهم الله منه. فلا يجوز الخوض لأي أحد في نوع هذا النور لزيادة تحديده لأنه غيب لم يأت فيه ما يوضحه أكثر من هذا الحديث النبوي الشريف وأما تحديد الزمن الذي خلقوا فيه فلم يرد في الكتاب والسنة ما يفيد ذلك إلا أن الله ـ تعالى ـ أخبر بأن خلقهم كان قبل خلق آدم ـ عليه السلام ـ فقد أخبر ـ سبحانه ـ أنه أعلم الملائكة بأنه سيجعل في الأرض خليفة قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} ٢.

والمراد بالخليفة آدم ـ عليه السلام ـ وأمرهم بالسجود له حين خلقه {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} ٣.

فالملائكة نوع من مخلوقات الله ـ تعالى ـ خلقهم الله من نور وأقدرهم الله على التشكل بأشكال مختلفة فقد أرسل الله جبريل إلى مريم في صورة بشر قال تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِيّاً * فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيّاً * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيّاً} ٤.

وإبراهيم عليه السلام جاءته الملائكة في صورة بشر، ولم يعرف أنهم ملائكة حتى كشفوا له عن حقيقة أمرهم.

قال تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ * إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلاماً


١- صحيح مسلم ٤/٢٢٩٤ ومسند الإمام أحمد ٦/١٦٨.
٢- سورة البقرة آية: ٣٠.
٣- سورة الحجر آية: ٢٩.
٤-سورة مريم آية: ١٦ ـ ١٩.

<<  <   >  >>