للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ * فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ * فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلا تَأْكُلُونَ * فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ} ١.

وفي آية أخرى قال: {فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ} ٢.

وجاؤوا إلى لوط في صورة شباب حسان الوجوه، وضاق لوط بهم وخشي عليهم من قومه فقد كانوا قوم سوء يفعلون السيئات ويأتون الذكران من العالمين قال تعالى:

{وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ} ٣.

قال ابن كثير رحمه الله ـ تعالى ـ: "تبدي لهم الملائكة في صورة شباب حسان امتحاناً واختباراً حتى قامت على قوم لوط الحجة وأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر"٤.

وقد كان جبريل يأتي النبي صلى الله عليه وسلم في صورة دحية بن خليفة الكلبي٥ وتارة يأتيه في صورة أعرابي وقد شاهده كثير من الصحابة كما في حديث عمر قال: "بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد فجلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وقال يا محمد أخبرني عن الإسلام"؟

وفي الحديث أنه سأله عن الإيمان والإحسان والساعة وأمارتها ثم أخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم فيما بعد أن السائل جبريل جاء يعلم الصحابة دينهم٦ إلى غير ذلك من الأحاديث الواردة في هذا المعنى والملائكة كثيرون لا يحيط بهم عد ولا يحصيهم من دون الله أحد وهم مجبولون على أعمال الخير فلا يعملون الشر ولا يأمرون به، فلذلك هم لربهم مطيعون، وبعبادته مشتغلون، يسبحون الليل والنهار لا يفترون، وقد كلف الله جميع عباده الإيمان


١- سورة الذاريات آية: ٢٤ ـ ٢٨.
٢- سورة هود آية: ٧٠.
٣- سورة هود آية: ٧٧.
٤- البداية والنهاية ١/٤٣.
٥- هذا الصحابي الجليل كان يضرب به المثل في الحسن انظر الإصابة ١/٤٦٣ رقم ٢٣٩٠.
٦- صحيح مسلم ١/٣٧.

<<  <   >  >>