للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ووجه الرد عليهم بالآيات الخمس الأولى: أنها صرحت بتنزيل وإنزال الكتاب الذي هو القرآن بواسطة الرسول الملكي فهو منزل من الله وهو كلامه حقيقة.

وأما الآية السادسة: وهي قوله تعالى: {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} .

بين الله ـ تعالى ـ فيها أنه مثّل للمشركين من كل مثل من أمثال الأمم الخالية في هذا القرآن تخويفاً منه، وتحذيراً ليتعظوا ويتذكروا علّهم ينزجرون عما هم عليه من التكذيب بالرسول والكفر بالله تعالى.

وأما الآية السابعة: وهي قوله تعالى: {قُرْآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} .

قال السيوطي١ حول هذه الآية: "فيها الرد على من قال بخلق القرآن"٢.

وروى اللالكائي والآجري٣ بسند صحيح إلى ابن عباس رضي الله عنهما {قُرْآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ} قال غير مخلوق٤.

فتلك الآيات من السورة دلت على أن القرآن منزل غير مخلوق وكما هو معلوم أن الإيمان بالكتب ركن من أركان الإيمان الستة، ومن الإيمان بالكتب الإيمان بأن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق منه بدا وإليه يعود، وأن الله تكلم به حقيقة، وأن هذا القرآن الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم هو كلام الله حقيقة، لا كلام غيره، ولا يجوز إطلاق القول بأنه حكاية عن كلام الله، أو عبارة، بل إذا قرأه الناس، أو كتبوه بذلك في المصاحف لم يخرج بذلك عن أن يكون كلام الله ـ تعالى ـ حقيقة فإن الكلام إنما يضاف حقيقة إلى من قاله مبتدئاً لا


١- هو: عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد بن سابق الدين الخضيري السيوطي، جلال الدين إمام حافظ مؤرخ أديب. له مؤلفات كثيرة في مختلف العلوم والفنون. ولد سنة تسع وأربعين وثمانمائة وتوفي سنة إحدى عشرة وتسعمائة هجرية. انظر ترجمته في: "الكواكب السائرة ١/٢٢٦، شذرات الذهب ٨/٥١، الضوء اللامع ٤/٦٥، حسن المحاضرة ١/٣٣٤.
٢- الإكليل في إستنباط التنزيل ص٢٢٤.
٣-هو: محمد بن الحسين بن عبد الله أبو بكر الآجري. فقيه، شافعي، محدث. توفي سنة ستين وثلاثمائة هجرية. انظر ترجمته في: تاريخ بغداد ٢/٢٤٣.
٤- السنة للالكائي ٢/٢١٧، كتاب الشريعة للآجري ص٧٧، الأسماء والصفات للبيهقي ص٣١١.

<<  <   >  >>