للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسجد حيث مجامع قريش أن يطأ على رقبته، أو ليعفرن وجهه في التراب فلما رأى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ساجداً أراد أن يفعل ما أقسم عليه، فلما اقترب منه ما فاجأهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه، ويتقي بيديه، فقيل له: ما لك؟ فقال: إن بيني وبينه لخندقاً من نار وهولاً وأجنحة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضواً عضواً" ١.

وفي معركة حنين انهزم المسلمون وثبت الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه الغزوة وأحاط الأعداء وأتوه من كل جانب فلما رأى ذلك عليه الصلاة والسلام نزل عن بغلته، ثم قبض قبضة من تراب من الأرض، ثم استقبل به وجوههم فقال "شاهت الوجوه" قال سلمة بن الأكوع: فما خلق الله منهم إنساناً إلا ملأ الله عينيه تراباً بتلك القبضة فولوا مدبرين،. فهزمهم الله ـ عز وجل ـ وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائمهم بين المسلمين٢.

٩ـ ما كان من شأن شاة أم معبد حين مسح بيده المباركة على ضرعها:

ومضمون هذه القصة أنه عليه الصلاة والسلام عندما خرج مهاجراً إلى المدينة هو وأبو بكر وعامر بن فهيرة ودليلهم عبد الله بن أريقط الليثي فمروا بخيمتي أم معبد٣ الخزاعية، وكانت أم معبد امرأة برزة جلدة تحتبي وتجلس بفناء الخيمة فتطعم وتسقي فسألوها هل عندها لحم، أو لبن يشترونه منها؟ فلم يجدوا عندها شيئاً من ذلك، وقالت: لو كان عندي شيء ما أعوزكم القرى، وإذا القوم مرملون مسنتون، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا شاة في كسر خيمتها فقال: "ما هذه الشاة يا أم معبد؟ " فقالت: شاة خلفها الجهد عن الغنم قال: "فهل بها من لبن؟ " قالت: هي أجهد من ذلك، قال: "تأذنين لي أن أحلبها؟ " قالت: إن كان بها حلب فاحلبها، فدعا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالشاة فمسحها وذكر اسم الله ومسح ضرعها، وذكر اسم الله، ودعا بإناء لها يربض الرهط٤ فتفاجت٥ واجترت، فحلب فيه ثجاً حتى ملأه وأرسله إليها فسقاها وسقى أصحابه فشربوا عللاً بعد نهل حتى إذا رووا شرب


١- صحيح مسلم ٤/٢١٥٤ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
٢- صحيح مسلم ٣/١٤٠٢ من حديث إياس بن سلمة عن أبيه.
٣- اسمها: عاتكة بنت خلف بن معبد بن ربيعة بن أصرم "البداية والنهاية ٣/٢٠٩".
٤- أي: يشبع الجماعة حتى يربضوا.
٥- أي: فرجت بين رجليها.

<<  <   >  >>