للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

آخرهم وقال: "ساقي القوم آخرهم" ثم حلب فيه ثانياً عوداً على بدء فغادره عندهم ثم ارتحلوا١.

١٠ـ استجابة الله ـ سبحانه ـ لدعائه عليه الصلاة والسلام:

من ذلك ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنت أدعو أمي إلى الإسلام وهي مشركة فدعوتها يوماً فأسمعتني في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أكره، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي قلت: يا رسول الله إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام فتأبى علي فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره، فادع الله أن يهدي أم أبي هريرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اللهم أهد أم أبي هريرة" فخرجت مستبشراً بدعوة نبي الله صلى الله عليه وسلم، فلما جئت فصرت إلى الباب فإذا هو مجاف٢ فسمعت أمي خشف٣ قدمي فقالت: مكانك يا أبا هريرة، وسمعت خضخضة٤ الماء قال فاغتسلت ولبست درعها وعجلت عن خمارها ففتحت الباب، ثم قالت: يا أبا هريرة أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله قال فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته وأنا أبكي من الفرح قال قلت: يا رسول الله أبشر قد استجاب الله دعوتك وهدى أم أبي هريرة فحمد الله وأثنى عليه وقال خيراً ... الحديث٥.

ومن معجزاته عليه الصلاة والسلام إخباره بالمغيبات التي وقعت كما أخبر بها صلى الله عليه وسلم، وكذلك عصمته من القتل فقد عصمه الله من أعدائه وهم الجمع الغفير، والعدد الكثير وهم على أتم حنق عليه، وأشد طلب لنفسه، وهو بينهم مسترسل ولهم مخالط ومكاثر، ترمقه أبصارهم شذراً وترتعد عنه أيديهم ذعراً، وقد هاجر عنه أصحابه حذراً حتى استكمل مدته فيهم ثلاث عشرة سنة، ثم خرج عنهم سليماً لم يكلم في نفس ولا جسد، وما كان ذاك بعصمة إلهية وعده الله تعالى بها فحققها حيث يقول: {وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} ٦ فعصمه منهم٧ "ومعجزاته عليه الصلاة والسلام كثيرة


١- انظر دلائل النبوة للبيهقي ١/٢٧٨، والوفاء بأحوال المصطفى ١/٢٤٢، البداية والنهاية ٣/٢١١.
٢- أي: مغلق.
٣- أي: صوتهما في الأرض.
٤- خضخضة الماء صوت تحريكه.
٥- رواه مسلم في صحيحه ٤/١٩٣٨.
٦- سورة المائدة آية:٦٧.
٧- أعلام النبوة للماوردي ص٧٦.

<<  <   >  >>