للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حتى تكونوا أنتم تجدعونها". قالوا: يا رسول الله فرأيت من يموت وهو صغير قال: "الله أعلم بما كانوا عاملين"١.

قال نووي: "وفي قوله صلى الله عليه وسلم: "الله أعلم بما كانوا عاملين" بيان لمذهب أهل الحق، أن الله علم ما كان وما يكون وما لا يكون لو كان كيف كان يكون" اهـ٢.

وعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال رجل يا رسول الله أيعرف أهل الجنة من أهل النار؟ قال: "نعم" قال: فلم يعمل العاملون؟ قال: "كل يعمل لما خلق له، أو لما ييسر له"٣.

وروى مسلم في صحيحه من حديث علي رضي الله عنه قال: كنا في جنازة في بقيع الغرقد فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقعد وقعدنا حوله ومعه مخصرة فنكس رأسه فجعل ينكت بمخصرته ثم قال: "ما منكم من أحد ما من نفس منفوسة إلا وقد كتب الله مكانها من الجنة والنار، وإلا قد كتبت شقية أو سعيدة" قال؛ فقال رجل يا رسول الله أفلا نمكث على كتابنا وندع العمل؟ فقال: "من كان من أهل السعادة فسيصير إلى عمل أهل السعادة، ومن كان من أهل الشقاوة فسيصير إلى عما أهل الشقاوة، فقال: اعملوا فكل ميسر أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة ثم قرأ {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى، وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى، وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى، وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} "٤.

وعند البخاري "فقال رجل من القوم: ألا نتكل يا رسول الله؟ قال: لا. إعملوا فكل ميسر ثم قرأ: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى} الآية"٥.

فهذه الأحاديث فيها النهي عن ترك العمل والتوكل على القدر السابق بل يجب على الإنسان أن يعمل ويأخذ بالأسباب ويحرص على ما ينفعه.

قال ابن القيم رحمه الله ـ تعالى ـ: "فاتفقت هذه الأحاديث ونظائرها على أن


١- صحيح مسلم بشرح النووي ١٦/٢١١.
٢- شرح النووي على صحيح مسلم ١٦/٢١١.
٣- رواه البخاري انظر الفتح ١١/٤٩١.
٤- انظر صحيح مسلم بشرح النووي ١٦/ ١٩٧.
٥- انظر فتح الباري ١١/٤٩٤.

<<  <   >  >>