للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للإيمان به والعمل بكتابه {فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ} يقول: فما له من مزيغ يزيغه عن الحق الذي هو عليه إلى الإرتداد إلى الكفر" أ. هـ١.

وقال الشوكاني: {وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ ... } "يخرجه من الهداية ويوقعه في الضلال" أ. هـ٢.

وأما الآية السادسة: وهي قوله: {إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ... } الآية. هذه الآية فيها إخبار من الله تعالى بأن من اهتدى بالقرآن وعمل بما فيه واتبعه فإن نفع ذلك عائد إلى نفسه ومن ضل بعد أن اتضح له الهدى فإن ضرر ذلك عائد عليه ولا يضر الله شيئاً.

وأما الآية السابعة: وهي قوله: حكاية عن الكافر الذي يتأسف على نفسه يوم القيامة حيث جانب طريق الهدى بعدم أخذه بأسباب الهداية والإيمان بالرسل. {أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} ففي هذه الآية مشهد لحال النفس التي فرطت في جنب الله أي في جانب حقه فلم تمتثل أمر الله، ولم تكن أطاعته حق الطاعة أنها تتمنى لو أن الله هداها ووفقها للرشاد فتكون مع عباد الله المتقين فتسلم من العقاب، وتظفر بالثواب، ولكن هيهات لعدم نفع هذا التمني الكاذب حيث أضاعت الفرصة في المكان الذي كان لها القدرة في الأخذ بأسباب الهدى فتكون من المهتدين، ومع عباد الله المتقين ولكن هذا التمني والتأسف وقع بعد فوات الأوان.

وكما نرى أن هذه الآيات السبع المتقدمة كلها وردت في هداية التوفيق والإلهام وخلق المشيئة المستلزمة للفعل. كما أوضحت أن الهداية والإضلال فعل الله والإهتداء والضلال فعل العبد وكسبه.

وقد وردت آيات كثيرة في معنى الآيات السابقة في سور أخرى من القرآن، قال تعالى: {مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} ٣.

دلت هذه الآية على أنه لا سبيل إلى وجود الهداية للعبد إلا بعد هداية الله له فإذا وفقه


١- جامع البيان ٢٤/٦.
٢- فتح القدير ٤/٢٦٥.
٣- سورة الأعراف آية:٧٨.

<<  <   >  >>