للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله للهدى كان من المهتدين. قال العلامة ابن القيم: "ولا سبيل إلى وجود الأثر إلا بمؤثره التام فإن لم يحصل فعله لم يحصل فعل العبد ولهذا قال تعالى: {إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ} ١ وهذا صريح في أن هذا الهدى ليس له صلى الله عليه وسلم ولو حرص عليه ولا إلى أحد غير الله وأن الله ـ سبحانه ـ إذا أضل عبداً لم يكن لأحد سبيل إلى هدايته" أ. هـ٢. وقال تعالى: {مَنْ يَشَأِ اللهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} ٣. وقال تعالى: {مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هَادِيَ لَهُ} ٤. وقال تعالى: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ} ٥ وقال تعالى عن أهل الجنة {الْحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللهُ} ٦ ولم يقصدوا أن بعض الهدى من الله وبعضه منهم بل نسبوا الهدى كله لله ولولا أنه هداهم لما اهتدوا. وقال تعالى: {كَذَلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ وَمَا هِيَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْبَشَرِ} ٧ ففي هذه الآية التصريح بأن مشيئة الله تعالى في الهداية والضلال مطلقة لا يسأل عما يفعل ولكنه تعالى عدل فحاشاه أن يضل من يستحق الهداية، وحاشاه أن يهدي من يستحق الضلال فقد نزه نفسه عن ذلك فقال: {إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} ٨ وقال ـ جل ثناؤه ـ {وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ} ٩ بقي أن نعرف من هم الذين يشاء الله هدايتهم؟ ومن هم الذين يشاء الله ضلالهم؟ الذين يشاء الله هدايتهم هم الذين فتحوا قلوبهم للهدى وعقولهم للحق وأقبلوا على كتابه صادقين وانقادوا لأوامره طائعين فهؤلاء لهم العون من الله على الهداية ويوفقهم لطلبها والإقبال عليها، ويزيدهم إيماناً وهدى، وعن هذه الفئة قال تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} ١٠ وقال تعالى


١- سورة النحل آية:٣٧.
٢- شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر ص٨١.
٣- سورة الأنعام آية:٣٩.
٤- سورة الأعراف آية:١٨٦.
٥- سورة فاطر آية:٨.
٦- سورة الأعراف آية:٤٣.
٧- سورة المدثر آية:٣١.
٨- سورة النساء آية:٤٠.
٩- سورة فصلت آية:٤٦.
١٠- سورة محمد آية:١٧.

<<  <   >  >>