للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في شأن أهل الكهف {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً} ١ وأما الذين يشاء الله ضلالهم فهم الذين حادوا عن الحق وأعرضوا عن الهدى وسدوا عن أنفسهم جميع المنافذ التي توصلهم إلى الإيمان بالله والتزام دين الإسلام فلم يكن عندهم أي استعداد لأن يتقبلوا هدى الله الذي أنزله على رسله فهم كما قال تعالى: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ} ٢ وقد أخبر تعالى بأن من جحده أو كفر بدينه فإنه لا يهديه. قال تعالى: {وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} ٣. وأخبر بأن من فسق في حياته وخرج عن طاعة ربه فإنه لا يهديه قال تعالى: {وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} ٤ وأخبر بأنه لا يهدي القوم الظالمين قال تعالى: {وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} ٥ وقال تعالى عن الفريقين معاً فريق الهداية، وفريق الضلالة {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ} ٦.

ومما يجب أن يعلم أن الله تعالى إنما يضل من يضل من خلقه إنما يكون ذلك بعد العذر إليهم بتبيين طرق الهدى ويمنحهم القدرة الكفاية التي تمكنهم من السير عليها فإذا قدم العبد ـ بعد العلم ـ الضلال على الهدى ولاه الله ما تولى وكان ذلك بمحض عدله سبحانه لا ظلم فيه قال تعالى: {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ} ٧ والذي يؤثر طلب الهداية والرغبة فيها ويأخذ بالأسباب التي توصله إليها فإنه سيجد من الله عوناً على تحصيلها وتحقيقها وذلك من رحمة الله لعباده وفضله عليهم، ومن يؤثر الضلالة ويرغب فيها ويسعى جاهداً في طلبها ويعمل بالأسباب التي توصله إليها تمت له فلم يجد من الله تعالى صارفاً عنها وهذا من عدل الله في عباده وحسن تدبيره لهم.

وإذا عرفنا ذلك فليس لعبد من عباد الله أن يعترض على الله ويقول إذا كان الله يضل ويهدي فليس للعبد حرية الإختيار. فالواقع أن الهداية والإضلال نتائج لمقدمات ومسببات


١- سورة الكهف آية:١٣.
٢- سورة البقرة آية:١٧١.
٣- سورة البقرة آية:٢٦٤.
٤- سورة المائدة آية:١٠٨.
٥- سورة آل عمران آية:٨٦.
٦- سورة البقرة آية:٢٦.
٧- سورة التوبة آية:١١٥.

<<  <   >  >>