للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

روى أبو بكر محمد بن الحسين الآجري بإسناده إلى عبد الله بن الحارث قال: "خطب عمر بن الخطاب بالجابية١ فحمد الله وأثنى عليه وعنده جاثليق٢ يترجم له ما يقول عمر فقال: من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، فنفض جبينه كالمنكر لما يقول: قال عمر ما يقول؟ قالوا: يا أمير المؤمنين يزعم أن الله لا يضل أحداً قال عمر: كذبت أي عدو الله بل الله خلقك، وقد أضلك، ثم يدخلك الله النار أما والله لولا عهد لك لضربت عنقك إن الله ـ عز وجل ـ خلق أهل الجنة وما هم عاملون وخلق أهل النار وما هم عاملون فقال هؤلاء لهذه وهؤلاء لهذه قال فتفرق الناس وما يختلفون في القدر"٣.

المرتبة الرابعة: من مراتب الهداية: غاية هذه الهداية وهي الهداية إلى الجنة والنار إذا سيق أهلهما إليهما. قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ} ٤.

وقال تعالى عن أهل النار {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ * مِنْ دُونِ اللهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ} ٥.

والذي نخلص إليه مما تقدم أن الهدى والإضلال بيد الله تعالى وأن العباد لا يملكون من ذلك شيئاً، وأن الله تعالى يمنحها من طلبها بإخلاص، وأخذ بالأسباب التي توصله إليها، وأسباب الهداية في مقدور كل امرئ أن يأخذ بها حتى يكون من المهتدين، أما من أعرض عنها وأبى إلا أن ينحرف عن طريق الهدى فهذا يكون نصيبه الغواية والضلال وهذا من فعل العبد وكسبه، فالهداية والإضلال فعل الله، والإهتداء والضلال فعل العبد وكسبه.


١- الجابية: مدينة بالشام انظر معجم البلدان ٢/٩١، وانظر مختار الصحاح ص٩٢.
٢- الجاثليق: جمعه جثالقة وهو متقدم الأساقفة انظر المنجد في اللغة والأعلام ص٧٩.
٣- الشريعة للآجري ص٢٠٠ ـ ٢٠١.
٤- سورة يونس آية: ٩.
٥- انظر أنواع الهداية في "شفاء العليل" ص٦٥ ـ ٨٤، بدائع الفوائد ٢/٣٥ ـ ٣٧، فتح الباري ١١/٥١٥، لوامع الأنوار البهية /٣٣٤ ـ ٣٣٥، والآيتان رقم ٢٢، ٢٣ من سورة الصافات.

<<  <   >  >>