للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ ـ أنهم عند سماعهم كلام الله تلين جلودهم وقلوبهم إلى العمل بما في كتاب الله والتصديق به.

٤ ـ التصديق لما جاءهم من الحق.

قال مجاهد: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ} قال: أصحاب القرآن المؤمنون يجيئون يوم القيامة فيقولون: "هذا ما أعطيتمونا فعملنا فيه بما أمرتمونا"١.

٥ ـ تقواهم لربهم ـ جل وعلا ـ بامتثال الأوامر واجتناب النواهي وفي مقدمة ذلك إخلاصهم العبادة لله وحده لا شريك له، فلم يشركوا بعبادة ربهم أحداً.

٦ ـ الصفة السادسة: أنهم طيبوا أعمالهم في الدنيا فلم يدنسوها بشرك ولا معصية، فطاب مأواهم في الدار الآخرة، وهو أنهم صاروا من سكان الجنة التي عرضها السموات والأرض ونجاهم الله من جهنم، وأمنهم من عذابها.

قال ابن كثير: عند قوله تعالى: {تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ} أي: هذه صفة الأبرار عند سماع كلام الجبار المهيمن العزيز الغفار، لما يفهمون منه من الوعد والوعيد والتخويف والتهديد تقشعر منه جلودهم من الخشية والخوف، ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله لما يرجون ويؤملون من رحمته ولطفه فهم مخالفون لغيرهم من الفجار من وجوه:

أحدها:

أن سماع هؤلاء هو تلاوة الآيات وسماع أولئك نغمات الأبيات من أصوات القينات.

الثاني:

أنهم إذا تليت عليهم آيات الرحمن خروا سجداً وبكياً بأدب وخشية ورجاء ومحبة وفهم وعلم. كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً} ٢ أي: لم يكونوا عند سماعها متشاغلين لاهين عنها بل مصغين إليها فاهمين بصيرين بمعانيها فلهذا إنما يعملون بها ويسجدون عندها عن بصيرة لا عن جهل ومتابعة لغيرهم.


١- تفسير القرآن العظيم ٦/٩٣.
٢- سورة الفرقان آية: ٧٣.

<<  <   >  >>