للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثالث:

أنهم يلزمون الأدب عند سماعها كما كان الصحابة رضي الله عنهم عند سماعهم كلام الله تعالى من تلاوة رسول الله صلى الله عليه وسلم تقشعر جلودهم ثم تلين مع قلوبهم إلى ذكر الله لم يكونوا يتصارخون ولا يتكلفون ما ليس فيهم بل عندهم من الثبات والسكون والأدب والخشية ما لا يلحقهم أحد في ذلك ولهذا فازوا بالمدح من الرب الأعلى في الدنيا والآخرة.

وقال قتادة: {تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ} قال: "هذا نعت أولياء الله، نعتهم الله ـ عز وجل ـ بأن تقشعر جلودهم وتبكي أعينهم وتطمئن قلوبهم إلى ذكر الله، ولم ينعتهم بذهاب عقولهم والغشيان عليهم إنما هذا في أهل البدع وهذا من الشيطان"١.

وقال ابن جرير عند قوله تعالى: {وَيُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} يقول تعالى ذكره: وينجي الله من جهنم وعذابها الذين اتقوه بأداء فرائضه واجتناب معاصيه في الدنيا {بِمَفَازَتِهِمْ} يعني: بفوزهم.

قال السدي: في قوله تعالى: {وَيُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ} قال: بفضائلهم.

وقال ابن زيد: {وَيُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ} قال: بأعمالهم. وقوله: {لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} يقول تعالى ذكره: لا يمس المتقين من أذى جهنم شيء وهو السوء الذي أخبر ـ جل ثناؤه ـ أنه لن يمسهم، ولا هم يحزنون: يقول: ولا هم يحزنون على ما فاتهم من آراب الدنيا إذا صاروا إلى كرامة الله ونعم الجنان" اهـ٢.

قال البغوي: {وَيُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ} قرأ حمزة والكسائي وأبو بكر {بِمَفَازَاتِهِمْ} بالألف على الجمع أي: بالطرق التي تؤديهم إلى الفوز والنجاة.


١- تفسير القرآن العظيم ٦/٨٨ ـ ٨٩.
٢- جامع البيان ٢٤/٢٢ ـ ٢٣.

<<  <   >  >>