للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للخضوع والذل والإستكانة لله الغرفة، والتحيّة والسلام في مقابلة صبرهم على سوء خطاب الجاهلين لهم فبدلوا بذلك سلام الله وملائكته عليهم" اهـ١.

وقال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} ٢.

وقال تعالى: {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلاَّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ} ٣.

فهاتان الآيتان بين الله ـ تعالى ـ فيهما أن غرف الجنات لا تنال إلا بالإيمان والعمل الصالح وذلك هو الذي يقرب العبد إلى الله زلفى. أما كثرة الأموال والأولاد عند الإنسان فإنها لا تدل على أن الله يحب صاحبها، لا. ليس الأمر كذلك، وليست بمقياس عند الله ـ تعالى ـ وإنما المقياس الحقيقي هو الإيمان والعمل الصالح فمن حقق الإيمان وعمل صالحاً يكون من الذين تضاعف حسناتهم ومن الذين هم في منازل الجنة العالية آمنون من كل بأس وخوف وأذى، ومن كل شيء يحذر منه.

هذه أوصاف غرف الجنة في القرآن الكريم.

أما ما جاء في شأن وصفها في السنة النبوية فقد وردت أحاديث توضح صفة هذه الغرف وعلوها.

فقد روى الشيخان في صحيحيهما من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن أهل الجنة ليتراؤون أهل الغرف من فوقهم، كما تتراءون الكوكب الدرّي٤ الغابر من الأفق من المشرق، أو المغرب لتفاضل ما بينهم" قالوا: يا رسول الله


١- حادي الأرواح ص ٩٦، وقد فسرت "الغرفة" بالجنة. انظر: المصنف لابن أبي شيبة ١٣/١٢٦.
٢- سورة العنكبوت آية: ٥٨.
٣- سورة سبأ آية: ٣٧.
٤- قيل سمي درياً لبياضه، وقيل لإضاءته، وقيل لشبهه بالدر في كونه أرفع من باقي النجوم كالدر أرفع الجواهر، شرح النووي على مسلم ١٧/١٦٨. أما الغابر: فهو الذاهب الماشي الذي تدلى للغروب، وبعد عن العيون شرح النووي ١٧/ ١٦٩.

<<  <   >  >>