للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن ذلك علواً كبيراً لأنه صاحب الكمال المطلق المستغني عن الصاحبة والولد ومن هذا شأنه من حقه أن يفرد بالعبادة وحده لا شريك له.

فقد نزه نفسه وبرأها عن قول السفهاء من الخلق كما يليق بجلاله وعظيم سلطانه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية أثناء حديثه عن تنزيه الله ـ عز وجل ـ عن الشركاء "وكذلك ما استعمله ـ سبحانه ـ في تنزيهه وتقديسه عما أضافوه إليه من الولادة سواء سموها حسية، أو عقلية كما تزعمه النصارى من تولد الكلمة التي جعلوها جوهراً لابن منه، وكما تزعمه الفلاسفة الصابئون من تولد العقول العشرة، والنفوس الفلكية التسعة التي هم مضطربون فيها هل هي جواهر أو أعراض؟ وقد يجعلون العقول بمنزلة الذكور والنفوس بمنزلة الإناث ويجعلون ذلك آباءهم وأمهاتهم وآلهتهم وأربابهم القريبة وعلمهم بالنفوس أظهر لوجود الحركة الدورية الدالة على الحركة الإرادية الدالة على النفس المحركة لكن أكثرهم يجعلون النفوس الفلكية عرضاً لا جوهراً قائماً بنفسه وذلك شبيه بقول مشركي العرب وغيرهم الذين جعلوا له بنين وبنات.

قال تعالى {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ} ١ وكانوا يقولون الملائكة بنات الله كما يزعم هؤلاء أن العقول أو العقول والنفوس هي الملائكة وهي متولدة عن الله قال تعالى {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ} " أ. هـ٢.

قول بعض مشركي العرب أن الملائكة بنات الله وإبطاله:

"مما ينبغي التنبيه عليه أن القائلين بأن الملائكة بنات الله هم بعض قبائل العرب كجهينة وخزاعة وبني مليح وبني سلمة وعبد الدار فقد زعموا أن الملائكة بنات الله كما ذكره القرطبي"٣.

ونقل الواحدي٤ عن المفسرين أنهم قالوا: أن قريشاً وأجناس العرب جهينة وبني


١- سورة الأنعام، آية: ١٠٠.
٢- درء تعارض العقل والنقل: ١/٣٥ ـ ٣٦.
٣- الجامع لأحكام القرآن ١٥/١٣٣.
٤- هو: علي بن أحمد بن محمد بن علي بن متويه، أبو الحسن الواحدي مفسر عالم بالأدب توفي سنة ثمان وستين وأربعمائة هجرية، انظر ترجمته في وفيات الأعيان ١/٣٣٣، الأعلام ٥/٩٥.

<<  <   >  >>