للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إِلَى آخِرِ الْدُّعَاء ... " (١)، وَلَمْ يَذْكُرْ فَاتِحَةَ الكِتَابِ؟

فالجواب:

إنّ طلحةَ؛ هذا الذي روى عن ابن عبّاس، أحدُ الثقات الأثبات الأشراف، وهو طلحة بن عبد الله بن عوف بن أخي عبد الرحمن بن عوف، يُكنّي أبا محمّد، من علماء أهل المدينة، وكان من سروات قريش وأجوادهم، وكان قد وَلِيَ المدينة، فكان سعيد ابن المسيِّب يقول إذا ذكره: "ما وَلِيَنا مثله"، تُوفِّي سنة سبع وتسعين.

وإسناد حديثه هذا أصحّ من إسناد حديث عوف بن مالك، ولو كان حديث عوف بن مالك ثابتًا (٢) ما كان فيه شيء يعارض حديث ابن عبّاس هذا.

لأنّ عوفًا إنّما قال: فكان ما حَفِظتُ من دعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاصّة دون القراءة التي هي محفوظة على كلّ لسان عنده، أو يكون لم يسمع من ذلك إلّا ما ذكر، وليس من قال: لم أسمع ولم أحضر ولم أعلم، بشاهد؛ لأنّ الشاهد مَن أثبت لا مَن نفى.

وليس يعارض قولُ المثبِت بقول النافي، وقد أخبر ابن عبّاس أنّ قراءة فاتحة الكتاب على الجنازة سُنّة، وقال هذا القول ليُثْبِت الحجّة فيها.


(١) حديث عوف بن مالك لم يخرجه البخاري، وإنّما أخرجه مسلم في [الجنائز (٩٦٣) باب الدعاء للميت في الصلاة] من طريق عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عوف بن مالك بلفظ: صلّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على جنازة فحفظت من دعائه وهو يقول: "اللهمّ اغفر له، وارحمه، وعافه، واعف عنه ... " وذكر الحديث.
(٢) بل هو ثابت، فقد أخرجه مسلم وغيره كما مرّ قريبًا.

<<  <   >  >>