الحمد لله الكبير المتعال، المنفرد بالعزّ والكمال، خلق الخلق على غير مثال، بعث الرسل، ونهج السُّبل، وختم أنبياءه بمحمّد - صلى الله عليه وسلم -، أرسله بالحقّ والهدى كاشفًا للحيرة والعمى، أنزل عليه كتابه الناطق بكلامه الصادق ليُبَيِّن للناس ما يَتَّقُون، وما بهم إليه الحاجة مِمّا يعلم - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله أجمعين، والحمد لله ربّ العالمين.
أمّا بعد:
رعاك الله وكَلأك، وزاد في توفيقك وتقواك؛ فإنّه وردني كتابك الكريم، تضمّن عن النطق عن محبّتك، وجميل طويل وُدِّك، من تحرّصك على العلم، والازدياد من الفهم، وكريم العناية والاجتهاد والدراية، والجري في ميدان الطلب إلى الغاية، وسألت الله تعالى المزيد من الذي عندك، وإحسانه إليك، وحسن عونه على ما يرضاه، ويزلف إليه ويقرّب منه، وإليه أبتهل لا شريك له، في أن يَهَب لنا ولك علمًا نافعًا، وأن يُجِيرَنا من علم لا ينفع، ودعاء لا يُسمع؛ وذكرتَ في كتابك أنّ علماء زمانك، وفقهاء مِصْرِك أغفلوا حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ونبذوه وراءهم ظهريًّا، وقرؤوا ظاهره ولم يعلموا باطنه، وتركوا الأصول وعوّلوا على الفروع، إلى سائر ما أوردته من الإطراء الذي نحن عنه في غنى، وذِكرُه عَنًى؛ وذكرتَ أنَّه استعجم عليك من الجامع الصحيح للبخاري