المبحث الثالث نشأة الحافظ ابن عبد البرّ العلمية ورحلته
المطلب الأول: نشأة الحافظ ابن عبد البرّ العلمية
ينتسب الحافظ ابن عبد البرّ إلى أسرة علم ودين وزهد، هيّأت له كلّ ما يعينه على طلب العلم، فكان لوالده الإسهام في الحياة العلمية في قرطبة، وكان معروفًا بمكارم الأخلاق وحسن التديّن والورع والتقوى والسمت الحسن، كما كان لجدّه مشاركة في علوم شرعية مع ما كان يغلب عليه من العبادة والتهجّد والزهد.
ففي وسط بيئة يغمرها العلم والتديُّن تربّى أبو عمر ابن عبد البرّ، وفي كنفها
نشأ نشأة طيّبة مستقيمة، توّاقة إلى حبّ العلم والمعرفة، وتحت رعاية والده نال تعاليمه
الأولى على ما هو عادة الأسر العلمية في الأندلس في ذلك الزمن (١)، والمنهج المسطور:
أن يبدأ الطالب بحفظ كتاب الله وتفهُّمه، وأن يحفظ كلّ ما يعين على فهمه، ويتدرّج في أخذ العلوم، الأولى فالأولى ما يساعده على تنمية قدراته الذهنية ومواهبه الفكرية حتّى تكتمل بنيَتُه ويطير بجناحيه.
(١) انظر: "مقدمة ابن خلدون" (ص ٥٠٦)، "ابن عبد البر الأندلسي وجهوده في التاريخ" (ص ١١٣ وما بعدها)، "منهج الحافظ ابن عبد البرّ في الجرح والتعديل" للدكتور محمّد عبد رب النبي (٢١ - ٢٢).