للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن أيّ ذاك تعجب؟ فقلت: أيشقى أحدٌ بغير عمل؟ فأهوى إلى أذنيه وقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأذنيّ هاتين يقول: "إِنَّ النُّطْفَةَ تَمكثُ فِي الرَّحِمِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةٍ، ثُمَّ (يَتَصَوَّرُ) (١) عَلَيْهَا الملكُ - قال زهير: حسبته قال: الَّذِي يَخْلُقُهَا - فَيَقُولُ: يَا رَبِّ أَذَكَرٌ أَمْ أنثَى؟ يَا رَبِّ سوِيٌّ أَوْ غيرُ سَوِيٍّ؟ فيجعله الله سويًّا أو غير سويّ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ؛ مَا أَجَلُهُ؟ مَا خَلْقُهُ؟ مَا رِزْقُهُ؟ " (٢).

قال أبو عمر: والعلماء مجُمِعون إلّا طائفة شذّت أنّ أولاد المسلمين في الجنّة وإن كانوا لم يبلغوا الحُلُم، فعلمنا بالإجماع أنّ مَن مات من أولاد المسلمين قبل أن يبلغ التكليف كان مِمّن سُعِد في بطن أمّه ولم يَشْقَ، ففي هذا بيان وتلخيص لجملة تلك الأحاديث (٣).


(١) في الأصل: "تتصوّر"، والصواب المثبت للزوم التذكير، وورد في "التمهيد" نفسه: "يتسوّر"، وهو خطأ ظاهر؛ لأنّ "تسوّر" بمعنى علا، لا يتعدّى بحرف الجرّ، وأمّا "تصوَّر" بمعنى سقط فيتعدّى بحرف الجرّ، انظر "النهاية" لابن الأثير (٢/ ٤٢٠) و (٢/ ٦٠).
(٢) لم أجده بهذا السياق عند غير المصنف، فقد أخرجه في "التمهيد" (١٨/ ١٠٢)، وأخرجه مسلم بسياق آخر في [القدر (٢٦٤٤، ٢٦٤٥) باب كيفية خلق الآدمي]، وأخرجه - أيضًا - أحمد في "المسند" (٤/ ٧٠٦)، وابن أبي عاصم في "السنة" (١/ ٨٠/ ١٨٠)، واللالكائي (٤/ ٥٩٢/ ١٠٤٥)، وابن بطّة (٢/ ١٣٠/ ١٣٠)، والبيهقي في "الاعتقاد" (ص ٧٨)، من طرق عن أبي الطفيل به.
(٣) ذكر الخلّال عن أبي عبد الله أحمد بن حنبل سئل عن أطفال المسلمين؟ فقال: "ليس فيهم اختلاف أنهم في الجنة"، "أحكام أهل الملل" (ص ٣٦).
وقال النووي: "أجمع من يعتدّ به من علماء المسلمين على أنّ من مات من أطفال المسلمين فهو من أهل الجنة؛ لأنّه ليس مكلّفًا، وتوقّف فيه بعض من لا يعتدّ به لحديث عائشة" "شرح مسلم" (١٦/ ٢٠٧)، ونقله النووي عن المازري (١٦/ ١٨٣). =

<<  <   >  >>