(٢) في هذا الموضع وقع سقط أظنّه كبيرًا؛ لأنّ من عادة ابن عبد البرّ - رضي الله عنه - الاستطراد في مثل هذه المسائل التي الخلاف فيها كبير، وأَستَدرِكُ هنا في هذا الموضع ما يجوز أن يكون ابن عبد البرّ أراد ذكره في توجيه قول ابن عمر لأبي غلّاب يونس بن جبير: "أرأيت إن عجز واستحمق؟ " من كتاب "التمهيد" (١٥/ ٦٢): "ومعنى قوله: "فَمَهْ، أرأيت إن عجز واستحمق؟ " أي: فأيّ شيء يكون إذا لم يعتدَّ بها؟ ! إنكارًا منه لقول يونس: "أفتعتدّ بها؟ " فكأنّه - والله أعلم - قال: وهل من ذلك بدّ أن تعتدّ بها؟ ! أرأيت لو عجز؟ بمعنى تعاجز عن فرض آخر من فرائض الله لم يقمه، أو استحمق فلم يأت به، أكان يعذر فيه؟ ونحو هذا من القول والمعنى"، وقال في "الاستذكار" (٦/ ١٤٣): "ومعنى قول ابن عمر فيه: "أرأيت إن عجز واستحمق؟ " أي: وهل من ذلك بدٌّ؟ أرأيت لو تعاجز عن فرض آخر من فرائض الله تعالى، فلم يقمه، أو استحمق، فلم يأت به، أكان يعذر فيه؟ ونحو هذا من الإنكار على من شذّ أنّه لا يعتدّ بها". اهـ وقال في "التمهيد" (١٥/ ٦٢، ٦٣): "والدليل على أنّه قد اعتدّ بها، ورآها لازمة له: أنّه كان يفتي أنّ من طلّق امرأته ثلاثًا في الحيض لم تجز له، ولو جاز أن تكون الطلقة الواحدة في الحيض لا يعتدّ بها، لكانت الثلاث - أيضًا - لا يعتدّ بها، وهذا ما لا إشكال فيه عند كلّ ذي فهم". اهـ. أقول: قد أسهب الحافظ ابن عبد البرّ رحمه الله في بيان معاني هذا الحديث في "التمهيد" كما سبق، وانتصر انتصارًا كبيرًا لوقوع طلاق الحائض، وكذا الطلاق الذي لا يكون على الستّة، كطلاق المجامع في الطهر، وادّعى الإجماع فيه، وقال بأنّه لم يخالف في هذه المسألة إلّا طوائف من أهل البدع والضلال، ومقصوده من =