للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثاني: مذهبُ أهلِ التأويل، ومنهم الأشاعِرة، وبعضُهم قال: استَوَى: قصَدَ، وقالتِ الأشاعِرة: استَوَى بالمُلْكِ والقُدْرة (١).

الثالث: مذهبُ الصحابةِ والأئمَّة، وهو الإيمانُ به مِنْ غيرِ تكييفٍ، وقرَّر هذا القولَ بقوله: «والحَقُّ: الإيمانُ به مِنْ غيرِ تكييفٍ؛ فإنَّ السلامةَ في التسليم».

وكلامُهُ هنا متردِّدٌ بين الإثباتِ مِنْ غيرِ تكييف، وبين التفويض؛ ولذا استشهَدَ بقولِ الإمامِ مالكٍ وغيرِه: «الاستواءُ معلوم، والكيفُ مجهول»، ولكنه قال: «ولم يتكلَّم الصحابة ولا التابِعون في معنى الاستواء، بل أمسَكُوا عنه»، قال: «ولذا قال مالك: والسؤالُ عنه بِدْعة».

ومفهومُ كلامِ المؤلِّف : أنَّ السؤالَ عن معنى الاستواءِ بِدْعة.

وهذا خطأ؛ فالذي سُئِلَ عنه مالك، وقال: «السؤالُ عنه بِدْعة» هو الكيفيَّة؛ لأنه قال: «الاستواءُ معلوم»؛ أي: معناه، «والكَيْفُ مجهول، والسؤالُ عنه بِدْعة»؛ أي: السؤالُ عن الكَيْف (٢).

وقد أخطَأَ ابنُ جُزَيٍّ أيضًا في زعمِهِ: أنَّ الصحابةَ والتابِعِينَ لم يتكلَّموا في معنى «استَوَى» (٣).


(١) ينظر: «مختصر الصواعق» (٣/ ٨٨٨).
(٢) ينظر: «مجموع الفتاوى» (٥/ ١٨١).
(٣) أورد البخاري في صحيحه (٩/ ١٢٤) قبل حديث (٧٤١٨) «باب ﴿وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء﴾ [هود: ٧]، ﴿وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيم (١٢٩)﴾ [التوبة]. قال: قال أبو العالية: ﴿اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ﴾: «ارتفع»، وقال مجاهد: ﴿اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ «علا». ووصله الحافظ في «التغليق» (٥/ ٣٤٤). وينظر: «تفسير الطبري» (١/ ٤٥٦)، والقرطبي (٧/ ٢١٩)، و «الأسماء والصفات» للبيهقي (٢/ ٣٠٣)، و «مختصر الصواعق» (٣/ ٩٢٦).

<<  <   >  >>