للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

١٣ - قال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} (الليل: ٥)، وقال: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} (النحل: ١٢٨).

قال شيخ الإسلام - رحمه الله -: «هذان الأصلان هما جِمَاع الدين العام -كما يُقال-: التعظيم لأمر الله، والرحمة لعباد الله؛ فالتعظيم لأمر الله يكون بالخشوع والتواضع وذلك أصل التقوى، والرحمة لعباد الله بالإحسان إليهم» (١).

١٤ - قال تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢)} (الكوثر).

قال شيخ الإسلام - رحمه الله -: «أمره الله أن يجمع بين هاتين العبادتين العظيمتين: وهما الصلاة والنسك الدالتان على القرب والتواضع والافتقار وحُسْن الظن، وقوة اليقين، وطمأنينة القلب إلى الله، وإلى عِدَتِه وأمره، وفضله وخَلَفِه، عكس حال أهل الكبر والنفرة، وأهل الغنى عن الله الذين لا حاجة في صلاتهم إلى ربهم يسألونه إياها، والذين لا ينحرون له خوفًا من الفقر، وتركًا لإعانة الفقراء وإعطائهم، وسوء الظن منهم بربهم؛ ولهذا جمع الله بينهما في قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٦٢)} (الأنعام)، والنسك هي الذبيحة ابتغاء وجهه.

والمقصود: أن الصلاة والنسك هما أَجَلُّ ما يتقرب به إلى الله، فإنه أتى فيهما بالفاء الدالة على السبب؛ لأن فعل ذلك وهو الصلاة والنحر سبب للقيام بشكر ما أعطاه الله إياه من الكوثر، والخير الكثير، فَشُكْر المُنْعِم عليه وعبادته أعظمها هاتان العبادتان، بل الصلاة نهاية العبادات، وغاية الغايات» (٢).


(١) مجموع الفتاوى (١٤/ ٢١٤).
(٢) السابق (١٦/ ٥٣١ - ٥٣٢).

<<  <   >  >>