١ - قال تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦)} (الفاتحة).
قال ابن القيم - رحمه الله -: «من هُدِي في هذه الدار إلى صراط الله المستقيم، الذي أرسل به رسله، وأنزل به كتبه، هُدِي هناك إلى الصراط المستقيم، المُوصِل إلى جنته ودار ثوابه، وعلى قَدْر ثُبوت قَدَم العبد على هذا الصراط الذي نصبه الله لعباده في هذه الدار يكون ثُبُوت قَدَمِه على الصراط المَنْصُوب على مَتْن جهنم، وعلى قدر سَيْره على هذه الصراط يكون سَيْره على ذاك الصراط؛ فمنهم من يَمُر كالبرق، ومنهم من يَمُر كالطَّرْف، ومنهم من يَمُر كالريح، ومنهم من يَمُر كشَدّ الرِّكَاب، ومنهم من يسعى سَعْيَا، ومنهم من يمشي مَشْيَا، ومنهم من يَحْبُو حَبْوَا، ومنهم المَخْدُوش المُسَلَّم، ومنهم المُكَرْدس في النار، فلينظر العبد سَيْرَه على ذلك الصراط من سَيْرِه على هذا، حَذْو القُذَّة بالقُذَّة، جزاء وفاقًا: {هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٩٠)} (النمل)» (١).
قال ابن القيم - رحمه الله -: «وإنما اختص أهل الإحسان بقُرْب الرحمة منهم؛ لأنها إحسان من الله أرحم الراحمين، وإحسانه تعالى إنما يكون لأهل الإحسان؛ لأن الجزاء من جنس العمل، فكما أحسنوا بأعمالهم أحسن إليهم برحمته، وأما من لم يكن من أهل الإحسان فإنه لما بَعُد عن الإحسان بَعُدت عنه الرحمة بُعدًا بِبُعْد، وقُرْبًا بِقُرْب، فمن تَقَرَّب بالإحسان تَقَرَّب الله إليه برحمته، ومن تباعد