للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ج. الربط بين الآية والتي قبلها، والآية والتي بعدها]

قال شيخ الإسلام - رحمه الله -: «فمن تدبر القرآن، وتدبر ما قبل الآية وما بعدها، وعرف مقصود القرآن؛ تبين له الُمراد، وعرف الهدى والرسالة، وعرف السداد من الانحراف والاعوجاج» (١).

[التطبيق]

١ - قال تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣)} (الفاتحة). قال القرطبي - رحمه الله -: «وصف الله تعالى نفسه بعد قوله: {رَبِّ الْعَالَمِينَ}، بأنه: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}؛ لأنه لما كان في اتصافه بـ {رَبِّ الْعَالَمِينَ} ترهيب، قرنه بـ {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} لما تضمن من الترغيب؛ ليجمع في صفاته بين الرهبة منه والرغبة إليه؛ فيكون أعون على طاعته وأمنع» (٢).

٢ - قال تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} (الفاتحة).

قال ابن القيم - رحمه الله -: «ولما كان طالبُ الصراط المستقيم طالبَ أمر أكثرُ الناس ناكبون عنه، مُرِيدًا لسلوك طريقٍ مُرَافِقُه فيها في غاية القلة والعزة، والنفوس مَجبولة على وحشة التَّفَرُّد، وعلى الأُنْس بالرفيق نَبَّه الله سبحانه على الرفيق في هذه الطريق، وأنهم هم الذين: {أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (٦٩)} (النساء)، فأضاف الصراط إلى الرفيق السالكين له، وهم الذين أنعم الله عليهم؛ لِيَزول عن الطالب للهداية وسلوك


(١) مجموع الفتاوى (١٥/ ٩٤).
(٢) الجامع لأحكام القرآن (١/ ١٣٩).

<<  <   >  >>