للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى أن قال - رحمه الله -: «فحصل من الفرق بين الكلامين في حكاية سَلَام إبراهيم ورَفْعِه ونَصْب ذلك إشارة إلى معنى لطيف جدًّا، وهو أن قوله: (سَلامٌ عليكم) من دين الإسلام، المُتَلَقَّى عن إمام الحنفاء وأبي الأنبياء، وأنه من مِلَّة إبراهيم التي أمر الله بها وباتِّباعِها، فحكى لنا قوله؛ ليحصل الاقتداء به والاتباع له، ولم يَحْكِ قول أضيافه، وإنما أخبر به على الجملة دون التفصيل، والله أعلم» (١).

[٨ - ما يرجع إلى تصريف اللفظ]

[التطبيق]

قال تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (٣٤)} (البقرة).

قال ابن عاشور - رحمه الله -: «من لطائف اللغة العربية: أن مادة الاتصاف بالكِبْر لم تجئ منها إلا بصيغة (الاستفعال) أو (التَّفَعُّل)؛ إشارة إلى أن صاحب صفة الكِبْر لا يكون إلا مُتَطَلِّبًا الكِبْر، أو مُتَكَلِّفًا له، وما هو بكبير حقًّا» (٢).


(١) بدائع الفوائد (٢/ ١٥٧ - ١٥٨).
(٢) التحرير والتنوير (١/ ٤٢٥).

وهذا إنما يَصْدُق في حق المخلوق. لكن يُشْكِل عليه ما يُضَاف إلى الله تعالى، فمن أسمائه (المُتَكَبِّر)، وهو مُتَضَمِّن لصفة التَّكَبُّر. وليس ذلك مما له اتصال بالتَّكَلُّف.
مع أن ابن عاشور نفسه قال في هذا الموضع من كتابه: «الاستكبار: يعني التزايد في الكِبْر؛ لأن السين والتاء في قوله: (استكبر) للمبالغة لا للطلب» اهـ.

<<  <   >  >>