للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خامسًا: قواعد قرآنية (١):

١ - قاعدة: «من تَرَك شيئًا لله عَوَّضَه الله خيرًا منه» (٢):

[التطبيق]

١ - قال تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٨٤)} (الأنعام).

قال ابن كثير - رحمه الله -: «وكان هذا مُجَازَاة لإبراهيم - عليه السلام - حين اعتزل قومه وتركهم، ونَزَح عنهم وهاجر من بلادهم ذاهبًا إلى عبادة الله في الأرض، فَعَوَّضَه الله - عز وجل - عن قومه وعشيرته بأولاد صالحين من صُلْبه على دينه؛ لِتَقَرَّ بهم عينه؛ كما قال تعالى: {فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا (٤٩)} (مريم)، وقال ها هنا: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا}» (٣).

قال السعدي - رحمه الله -: «ولما كان مُفَارَقة الإنسان لوطنه ومَأْلَفِه وأهله وقومه من أشق شيء على النفس لأمور كثيرة معروفة، ومنها انفراده عمن يَتَعَزَّز بهم ويتكثر، وكان من تَرَك شيئًا لله عَوَّضَه الله خيرًا منه، واعتزل إبراهيم قومه -قال الله في حقه:


(١) والمقصود بها: أنها أحكام كلية قطعية دل عليها القرآن الكريم؛ فهي مأخوذة من القرآن، بخلاف قواعد التفسير كما عرفت من تعريفها سابقًا. فقواعد التفسير من قبيل الوسائل والآلات التي نتوصل بواسطتها إلى المراد، وأما القواعد القرآنية فمن قبيل النتائج.
(٢) وقد ذكر السعدي - رحمه الله - في القواعد الحسان (ص ١٦٤) أمثلة متنوعة لهذه القاعدة.
(٣) تفسير ابن كثير (٣/ ٢٩٧).

<<  <   >  >>