للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن هبيرة - رحمه الله -: «فرأيتُ الفائدة في تقديم ذِكْر الرجل وتأخيره: أن ذِكْر الأوصاف قبل ذِكْر الموصوف أبلغ في المدح من تقديم ذِكْرِه على وصفه، فإن الناس يقولون: الرئيس الأَجَل فلان، فنظرت فإذا الذي زِيد في مدحه هو صاحب (يس) أمر بالمعروف، وأعان الرسل، وصبر على القتل، والآخر إنما حذر موسى من القتل، فَسَلِم موسى بقبوله مشورته، فالأول هو الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر، والثاني هو ناصح الآمر بالمعروف، فاستحق الأول الزيادة.

ثم تأملت ذِكْر أقصى المدينة فإذا الرجلان جاءا من بُعْد في الأمر بالمعروف، ولم يتقاعدا لبُعْد الطريق» (١).

١٣ - قال تعالى: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (٤٩)} (الشورى).

قال ابن القيم - رحمه الله -: «بدأ بذِكْر الإناث، فَقَدَّم ما كانت تُؤَخِّره الجاهلية من أمر البنات؛ حتى كانوا يَئِدُوهُن؛ أي: هذا النوع المُؤخَّر عندكم، مُقَدَّم عندي في الذِّكر، وتأمل كيف نَكَّر سبحانه الإناث، وعَرَّف الذكور؛ فَجَبَر نَقْص الأنوثة بالتقديم، وجَبَر نَقْصَ التأخير بالتعريف؛ فإن التعريف تنويه» (٢).

١٤ - قال تعالى: {نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ (٧٣)} (الواقعة).

«قَدَّم كونها تذكرة على كونها متاعًا؛ ليعلم العبد أن الفائدة الأخروية أتم وبالذكر أهم» (٣).


(١) ذيل طبقات الحنابلة (٢/ ١٤٨ - ١٤٩).
(٢) تحفة المودود بأحكام المولود (ص ٢٠ - ٢١).
(٣) مفاتيح الغيب (٢٩/ ٤٢٣).

<<  <   >  >>