قال ابن القيم - رحمه الله -: «ولما ذَكَر رؤيته لجبريل عند سِدْرَة المُنْتَهَى، استطرد منها، وذكر أن جنة المأوى عندها، وأنه يغشاها من أَمْرِه وخَلْقِه ما يغشى، وهذا من أحسن الاستطراد، وهو أسلوبٌ لطيفٌ جدًّا في القرآن؛ وهو نوعان:
أحدهما: أن يَسْتَطْرِد من الشيء إلى لَازِمه، مثل هذا، ومثل قوله: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (٩)} (الزخرف)، ثم استطرد من جوابهم إلى قوله: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٠) وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (١١) وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ (١٢) لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ} (الزخرف)، وهذا ليس من جوابهم، ولكن تقرير له وإقامة الحجة عليهم.