قال ابن القيم - رحمه الله -: «فمن تَعَبَّد الله بِمُرَاغَمَة عدوه، فقد أخذ من الصِّدِّيقية بسهم وافر، وعلى قدر محبة العبد لربه وموالاته ومعاداته لعدوه، يكون نصيبه من هذه المُراغَمة.
ولأجل هذه المُراغَمة حُمِدَ التَّبَخْتُر بين الصَّفَّيْن، والخيلاء والتَّبَخْتُر عند صَدَقَة السر، حيث لا يراه إلا الله؛ لما في ذلك من إرغام العدو، وبَذْل محبوبه من نفسه وماله لله - عز وجل -، وهذا باب من العبودية لايعرفه إلا القليل من الناس، ومن ذاق طعمه ولَذَّته، بكى على أيامه الأُوَلِ ...
وصاحب هذا المقام إذا نظر إلى الشيطان، ولَاحَظَه في الذنب، رَاغَمَه بالتوبة النصوح، فأحدثت له هذه المُراغَمة عبودية أخرى» (١).
قال السعدي - رحمه الله -: «وفي هذه الآية إرشاد إلى المقابلة بين ما يُتوَهَّم من مصالح الدنيا المُتَرَتِّبة على ترك أوامر الله، أو فعل مناهيه، وبين ما يفوت من ثواب الآخرة، أو يحصل من عقوباتها.
فيقول من أَمَرَتْه نفسُه بترك أمر الله: ها أنتِ تركتِ أمره كسلًا وتفريطًا، فما النفع الذي انتفعتِ به؟ ! وماذا فاتكِ من ثواب الآخرة؟ ! وماذا ترتب على هذا الترك من الشقاء والحرمان والخيبة والخسران؟ !