للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٧ - عن صالح المُرِّي (١) قال: كان عطاء السَّلِيمِي (٢)،

قد أضر بنفسه حتى ضعف، فقلت له: إنك قد أضررت بنفسك، وأنا متكلف لك بشيء، فلا ترد كرامتي، قال: أَفْعَل، قال: فاشتريت سويقًا، من أجود ما وجدت، وسمنًا، قال: فجعلت له شُرَيبة، فَلَتَّيْتُها وحَلَّيْتُها، وأرسلت بها مع ابني وكُوزًا من ماء، فقلت له: لا تبرح حتى يشربها، فرجع فقال: قد شربها، فلما كان من الغد، جعلت له نحوها، ثم سَرَّحْتُ بها مع ابني، فرجع بها لم يشربها، قال: فأتيته فَلُمْتُه، وقلت: سبحان الله! أَردَدْتَّ علي كرامتي؟ ! إن هذا مما يُعينك ويقويك على الصلاة، وعلى ذِكْر الله تعالى، فلما رآني قد وجدت من ذلك، قال: يا أبا بشر، لا يَسُؤك، والله لقد شَرِبْتُها أول ما بعثت بها، فلما كان الغد راودتُّ نفسي على أن أسيغها، فما قدرت على ذلك، إذا أردت شربه ذكرت هذه الآية: {يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ (١٧)} (إبراهيم).

فبكى صالح عند هذا، وقال: قلت لنفسي: ألا أراني في واد وأنت في آخر! (٣) (٤).

١٨ - وآخر بكى في وليمة رأى فيها الخدم يطوفون على الحضور بالطعام والشراب، وتذكر قوله تعالى: {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ} (الإنسان: ١٩).


(١) هو: صالح بن بشير بن وادع بن أبي الأقعس أبو بشر البصري، القاص الواعظ الزاهد، المعروف بالمُرِّي، ضعيف الحديث، توفي سنة: ١٧٢ هـ، وقيل: ١٧٦ هـ. انظر: صفة الصفوة (٢/ ٢٠٧).
(٢) هو: عطاء السَّليمي البصري، العابد الزاهد، من صغار التابعين، توفي سنة: ١٤٠ هـ. انظر: صفة الصفوة (٢/ ١٩٢).
(٣) رواه أبو نعيم في الحلية (٦/ ٢١٨)، وانظر: التخويف من النار لابن رجب (ص ١٥٦، ١٥٧).
(٤) للاستزادة من هذه الأمثلة؛ راجع: التخويف من النار لابن رجب (ص ١٥٥ - ١٥٩).

<<  <   >  >>