للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢٦ - قال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (٧)} (الليل).

«ودخول النَّقْص بحسب نُقصانها أو بعضها؛ فمن الناس من يكون قوة إعطائه وبذله أتم من قوة انكفافه وتركه، فقوة الترك فيه أضعف من قوة الإعطاء، ومن الناس من يكون قوة الترك والانكفاف فيه أتم من قوة الإعطاء والمنع، ومن الناس من يكون فيه قوة التصديق أتم من قوة الإعطاء والمنع، فَقُوَّتُه العلمية والشُّعُورية أتم من قوته الإرادية وبالعكس، فيدخل النقص بحسب مانقص من قوة هذه القوى الثلاث، ويفوته من التيسير لليُسْرَى بحسب ما فاته منها، ومن كملت له هذه القوى يُسِّر لكل يُسرى» (١).

٢٧ - قال تعالى: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (١) وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (٢) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (٣) وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (٤)} (الشرح).

قال ابن القيم - رحمه الله -: «شَرَح الله صدر رسوله أَتَمَّ الشَّرْح، ووَضَع عنه وِزْرَه كل الوضع، وَرَفَع ذِكْره كل الرفع، وجعل لأتباعه حظًّا من ذلك؛ إذ كل مَتْبُوع فلأتباعه حظ ونصيب من حظ متبوعهم في الخير والشر؛ على حسب اتباعهم له.

فأَتْبَعُ الناس لرسوله - صلى الله عليه وسلم - أشرحهم صدرًا، وأَوْضَعهم وِزْرًا، وأرفعهم ذِكْرًا، وكلما قويت متابعته علمًا وعملًا وحالًا وجهادًا، قويت هذه الثلاثة حتى يصير صاحبُها أشرحَ الناس صدرًا، وأرفعهم في العالمين ذِكْرًا.

وأما وَضْع وِزْره فكيف لا يُوضَع عنه ومن في السموات والأرض ودَوَابّ البر والبحر يستغفرون له؟ ! » (٢).


(١) التبيان في أقسام القرآن (ص ٦١).
(٢) الكلام على مسألة السماع (ص ٤٠١ - ٤٠٢).

<<  <   >  >>