للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٠ - قال تعالى: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (٢٧)} (المطففين).

قال ابن القيم - رحمه الله -: «قال ابن عباس - رضي الله عنهما - وغيره: يشرب بها المُقَرَّبُون صِرْفًا، ويُمْزَج لأصحاب اليمين مَزْجًا، وهذا لأن الجزاء وِفَاق العمل، فكما خلصت أعمال المُقَرَّبين كلها لله، خلص شرابهم، وكما مَزَج الأبرار الطاعات بالمُبَاحَات، مُزِج لهم شرابهم، فمن أخلص أُخْلِص شرابه، ومن مَزَج مُزِج شرابه» (١).

١١ - قال تعالى: {فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى (٩) سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى (١٠) وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى (١١) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى (١٢) ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى (١٣)} (الأعلى).

قال ابن تيمية - رحمه الله -: «فالجزاء من جنس العمل؛ لما كان في الدنيا ليس بحي الحياة النافعة التي خُلِق لأجلها، بل كانت حياته من جنس حياة البهائم، ولم يكن ميتًا عديم الإحساس؛ كان في الآخرة كذلك» (٢).

١٢ - {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (٧)} (الليل).

قال ابن القيم - رحمه الله -: «فالنفس المُطيعة هي النافعة المُحسِنة التي طَبْعُها الإحسان وإعطاء الخير اللازم والمتعدي، فَتُعطي خيرها لنفسها ولغيرها، فهي بمنزله العين التي ينتفع الناس بشربهم منها، وسَقْي دوابهم وأنعامهم وزرعهم، فهم ينتفعون بها كيف شاؤوا، فهي مُيَسَّرة لذلك، وهكذا الرجل المبارك مُيَسَّر للنفع حيث حَل، فجزاء هذا أن يُيَسِّره الله لليُسرى كما كانت نفسه مُيسَّرة للعطاء» (٣).


(١) طريق الهجرتين (ص ١٩٤).
(٢) مجموع الفتاوى (١٤/ ٢٩٧ - ٢٩٨).
(٣) التبيان في أقسام القرآن (ص ٥٦ - ٥٧).

<<  <   >  >>