بنفسه أو يدل آخر عليه، كمن لقي لقيطاً أشرف على الهلاك، أو أعمى كاد أن يتردى في البئر: يفترض عليه دفع الهلاك عنه، وإذا أعمه واحد: سقط عن الباقين، لحصول المقصود.
قوله:(وإن لم يعلم به أحد: يجب عليه أن يسأل ويعلم بحاله) وإن كان في السؤال ذل، ولكنه أهون من الهلاك، فيلزمه أن يختار الأهون، كالإمام في الأسارى في النسوان والذراري: يلزمه الاسترقاق، وإن كان إهلاكاً كالقتل، لأنه أهونهما، فكذا هذا.
قوله:(فإن لم يفعل) يعني إن لم يسأل ولم يعلم حاله للناس (حتى مات: كان قاتل نفسه) لأنه يفترض على كل إنسان أن يدفع الهلاك عن نفسه ما أمكنه، وقد ترك، فصار قاتل نفسه.
قوله:(ومن له قوت يوم: لا يحل له السؤال) لأنه يستذل نفسه بلا ضرورة. وإنه حرام، لقوله عليه السلام:"حرام على المؤمن أن يذل نفسه" ولكنه يباح له الأخذ من غير سؤال.
قوله:(والسائل في المسجد قيل: يحرم إعطاؤه) وهو قول أبو مطيع البلخي، لأنه روي عن الحسن البصري أنه قال:"ينادي يوم القيامة منادي: ليقم بغيض الله، فيقوم سؤال المسجد"(والمختار: أنه إن كان لا يتخطى رقاب الناس، ولا يمر بين يدي المصلي، ولا يسأل الناس إلحافاً: يباح إعطاؤه) لأن السؤال كانوا يسألون على عهد رسول الله في المسجد.
قوله:(وإن كان السائل يفعل واحداً من هذه الثلاثة) وهو إما أن يتخطى رقاب الناس، أو يمر بين يدي المصلي، أو يسأل الناس إلحافاً: أي إلحاحاً (حرم إعطاؤه) لأنه إعانة على أذى الناس، ولهذا قال خلف بن أيوب:"لو كنت قاضياً: لم أقبل شهادة من يتصدق عليه" وقال إسماعيل المستملي: "هذا فلس واحد يحتاج إلى سبعين فلساً للكفارة".