وسقى أصحابه حتى رووا، وشرب آخرهم - صلى الله عليه وسلم -، ثم أراضوا، ثم حلب فيها ثانيا بعد بدء حتى ملأ الإناء، ثم غادره عندها، ثم بايعها، وارتحلوا عنها، فقلما لبثت حتى جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزا عجافا تساوكن هزلا ضحى مخهن قليل فلما رأى أبو معبد اللبن عجب وقال: من أين لك هذا اللبن يا أم معبد والشاء عازب حيال ولا حلوبة فى البيت قالت: لا، والله إلا أنه مر بنا رجل مبارك من حاله كذا وكذا، قال: صفيه لى يا أم معبد فقالت: رأيت رجلا ظاهر الوضاءة، أبلج الوجه، حسن الخلق، لم تعبه ثجلة ولم تزر به صعلة وسيم قسيم فى عينيه دعج وفى أشفاره وطف وفى صوته صحل وفى عنقه سطع وفى لحيته كثاثة أزج أقرن إن صمت فعليه الوقار، وإن تكلم سماه وعلاه البهاء، أجمل الناس وأبهاه من بعيد، وأحلاه وأحسنه من قريب، حلو المنطق، فصل، لا هذر ولا نزر، كأن منطقه خرزات نظم يتحدرن، ربع لا تشنؤه من طول، ولا تقتحمه عين من قصر، غصن بين