فإن قيل: فإنه مقيم صحيح فوجب أن لا يسقط فرضه بالتيمم. أصله إذا كان واجدا للماء.
وأيضا: فإن عدم الماء في الحضر عذر نادر لا يدوم؛ لأن الأوطان والبنيان لا تبنى على غير مياه، والأعذار النادرة لا تسقط الفرض، وإنما يسقطه الأعذار العامة السائدة ألا ترى أنه إذا لم يجد ماء ولا ترابا يصلي ويعيد، وكذلك إذا صلى وعلى ثوبه أو بدنه نجاسه [و] سقط فرضها؛ لأنه عام يدوم، وكذلك سلس البول، وكذلك السفر، وكذلك الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؛ لأنه لا تحلقها المشقة في قضاء الصوم؛ لأنه في السنة مرة، والصلاة تتكرر في كل يوم وليلة خمس مرات فتلحقها المشقة في قضائها، وكذلك نكتتهم.
والجواب أما قولهم: إنه مقيم صحيح فوجب أن لا يسقط فرضه بالتيمم، كواجد الماء غلط؛ لأن واجد الماء، القادر على استعماله منهي عن التيمم، فإذا تيمم لم يجزئ في حضر ولا سفر، وعادم الماء مأمور بالتيمم، حتى إن لم يفعله عصى، فوجب أن يسقط فرضه، كالمسافر إذا عدم الماء، وهذا أولى من قياسهم؛ لأن رد المأمور بالتيمم إلى مثله أولى من رد المأمور بالتيمم إلى المنهي عن التيمم.
أما قولهم: إن عدم الماء في الحضر عذر نادر لا يدوم إلى آخر الفصل فعنه جوابان:
أحدهما: أن واجد الماء في السفر العام نادر، كما أن عادم الماء في الحضر عذر نادر، فلما ردوا واجد الماء في السفر إلى الغالب من