وبين التيمم؛ لأن الماء يرفع الحدث، فإذا وجد بعض الماء الذي لا يرتفع معه الحدث صار في حكم من لا يجده أصلا.
والجواب الآخر: هو أن لكل عضو حكما في نفسه في باب الغسل الذي هو الفعل، ولكن الطهارة لا تتم به دون غيره. ألا ترى أنه لو بقي عليه عضو واحد لم يغسله مع قدرته لم تعم الطهارة، وكذلك لو مسح وجهه في التيمم دون يديه مع القدرة لم يستبح الصلاة، ثم لو قطعت إحدى يديه أو رجليه وغسل الباقي ارتفع حدثه.
وكذلك لو قطعت إحدى يديه وعدم الماء فمسح وجهه ويده الباقية لاستباح الصلاة، وهو مع وجود اليد المقطوعة بخلاف ذلك، وإنما كلامنا في أن لا يجتمع الغسل والتيمم في حال واحدة؛ لأن استعمال الماء القليل في بعض الأعضاء لا يرفع الحدث، ولا بد معه من التيمم، فلم يستفد باستعمال الماء شيئا؛ لأن التيمم الذي هو بدل عن جميع الأعضاء لا بد منه؛ لأن حدثه غير مرتفع، بمنزلته لو لم يجد الماء أصلا.
والجواب الآخر: هو إذا غسل وجهه بالماء القليل وتيمم ومسح وجهه ويديه فقد حصل وجهه مغسولا ممسوحا عن كان للوجه حكم نفسه، فيكفي فيه غسله، لا يحتاج إلى مسحه بالتراب؛ لأن حكم نفسه بالغسل قد زال ومضى، فينبغي أن يكون المسح فيما لم يغسل، فيكون للمغسول حكم نفسه، وللممسوح حكم نفسه. فلما قلتم: يمسح الوجه بالتراب بعد غسله علمنا أنكم لم تجعلوا له حكما في نفسه في إحدى الحالين، بل جمعتم له حكمين: أحدهما: الغسل، والآخر: المسح