لأننا نجد الشاة طاهرة في حياتها لكونها ذات روح، ثم تذكي وقد زالت الروح فتكون طاهرة أيضا، وكذلك السمك حيه وميته بمنزلة واحدة، وإذا لم يكن للعلة تأثير سقطت.
والوجه الآخر: هو أنه لو كانت صحيحة لوجب أن يوجد الحكم بوجودها، ويرتفع بارتفاعها من جهتها، فلما وجدنا السمك الميت والشاة المذكاة طاهرين مع ارتفاع العلة علم فسادها.
قيل: علتنا صحيحة. ألا ترى أن الشاة في حياتها طاهرة، ثم تموت حتف نفسها فتصير نجسة، ولم تكن كذلك إلا لعدم الروح منها فاستمر هذا. ثم لا ننكر أن تخلف علة الحياة علة أخرى تقوم مقامها في الطهارة، فالتذكية تقوم في الطهارة مقام الحياة، وكذلك موت السمك يقوم مقام حياته.
وهذا كما يقول أصحاب الشافعي إن علة نجاسة الخمر كون الشدة المخصوصة فيها، ثم تخلل فتزول الشدة وهي نجسة بالتخليل، فخلفت هذه العلة المتقدمة وهي الشدة.
وكذلك نقول جميعا: إنه لو طرح في الخمر ميتة أو دم، ثم خللت لكانت نجسة باتفاق؛ لأن النجاسة التي وقعت فيها خلفت النجاسة التي هي الشدة بعد زوالها، وهذا في الأصول كثير.