عليه، فإنه يحرم تناولهما، وكالمرأتين إحداهما أجنبية والأخرى اخته من الرضاعة اشتبهتا عليه، فإنه لا يجوز أن يتزوج واحدة منهما، وكالقليل من النجاسة إذا حل في كثير من المائع غير الماء فإنه يجتنب كله، فكذلك القليل من الماء إذا حلت فيه النجاسة وجب أن يغلب التحريم.
قيل: أما قول النبي ﵇: (لا يبولن أحدكم في الماء الدائم) فهذا - عندنا - على وجه الكراهية والتنزيه؛ بدليل قوله ﵇:(خلق الله الماء طهورا لا ينجسه شيء إلا ما غيره)، وبغيره من الدلائل التي تقدمت، وبما بيناه من الصب على بول الأعرابي، وبالقياس.
وقوله ﵇:(إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه) فإنما هو مندوب لا لنجس، والكلب - عندنا - طاهر، وريقه طاهر، وإنما هو لأمر آخر، كما قال:(إذا وجد أحدكم قذى في شرابه فليرقه ولا ينفخه).
وأما نزح ابن عباس ﵁ زمزم فيحتمل أن يكون الماء تغير؛ لأنه معلوم أن زنجيا يموت في بئر يسرع التغير إليها. فإن لم يكن تغعير فالمستحب نزحها، وخاصة زمزم من بين الآبار؛ للاستشفاء بها، ونحن نستحب هذا في غيرها فكيف فيها؟. وإذا كانت هذه فعلة من ابن عباس محتملة حملناها على ذلك؛ بدليل قوله: (خلق الله الماء طهورا لا ينجسه شيء إلا ما غيره.