لا يفتقر إلى الغسل - عندكم - فإننا نقول: إنما ذكر الغسل على طريق الندب تنظفا لما يحدث من الحيوان عند موته، والمقصد إعلامنا جواز استعماله، وأنه طاهر في نفسه، ولا ينجسه الموت.
ويدل على صحة قولنا: ما رواه ابن عباس ﵄ أن النبي ﵇ مر بشاة مولاة ميمونة ميتة، فقال:(ما على أهلها أن لو أخذها إهابها فدبغوه فانتفعوا به). فقالوا: إنها ميتة. فقال:(إنما حرم أكلها)، وروي:(إنما حرم لحمها)، فلم يحرم منها غير ما يؤكل، والشعر لا يؤكل، ولو كان في الشعر روح لوجب أن لا يستباح أخذه إلا بالذكاة، كالجلد واللحم وغيرهما، فما أجمعنا على أنه لو أخذ من حيوان يؤكل لحمه في حال حياته كان طاهرا من غير تذكية علم أنه لا روح فيه.
وأيضا فإن النبي ﵇ قال:(ما قطع من حي - وهو حي - فهو ميتة)، فلو كان الشعر فيه روح لوجب إذا جز مما يؤكل لحمه في حياته أن يكون ميتا نجسا، وهم لا يقولون إنه ميت، بل يقولون مثل قولنا إنه طاهر، فدل على أنه لا روح فيه.
فإن قيل: فإن الصوف والشعر إذا قطع من حي يؤكل لحمه في حال حياته فإن ذلك ميتة، فإن لم يكن نجسا فقوله ﵇:(فهو ميت)