وقولكم: إنما يبنى المطلق على المقيد في هذا فهو غلط من وجهين:
أحدهما: أنه يحتاج إلى دليل.
والوجه الآخر: هو أن الأرض المطلقة ليست هي تراب، والتراب ليس هو الأرض: لأن التراب من الأرض بمنزلة الصوف من الغنم، والصوف ليس هو الغنم، فكذلك التراب ليس هو نفس الأرض.
وأما الشاهد المطلق فهو المقيد بالعدالة، وكذلك الرقبة نفسها مقيدة بالإيمان.
فإن قيل: ما روي عن عمار، وأن النبي ﵇ ضرب بيديه الأرض ثم نفخهما يجوز أن يكون نفخ حتى ذهب الغبارة وأثره، فيجوز أن يكن نفخ حتى جف الغبار ولم يذهب الأثر، وهذه فعلة واحدة تحتمل، فإذا لم يعلم على أي وجه وقت لم يصح الاحتجاج بها، ولا يدعي في ذلك العموم.
قيل: هذا خرج مخرج التعليم فلا يجوز أن يغفل بيانه، ولو كان الحكم فيه يختلف لبين لعمار الحكم فيه، كان عمرا وغيره ممن حضر ينقلون تفصيل ذلك، هل النفخ يزول معه الأثر أولا؟، وقد روي أنه قال لعمار:«أنفخ يديك»، ولم يفصل له صفة