للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ما يسع. يراعته تخدمه، وبراعته / في كلّ حين تقدمه. وقد أخذ بحظّ من العلوم ليس بالقليل، وتقلّد منها ما صار غير قليل. وتوفي في الثالث من ذي القعدة سنة سبع وعشرين وستمائة.

ومنهم:

٤٦ - محمد بن الحسن بن محمد بن الحسن الجذامي (١)

يكنى أبا عبد الله من حسباء مالقة وأعيانها وقضاتها ونبهائها. وقد ذكر خالي والده فيما تقدم من هذا الكتاب. وكان أبو عبد الله هذا من علية الطلبة ونبهائهم، ذكيا فطنا بارع الخط كاتبا بليغا أديبا شاعرا مطبوعا. ولي قضاء مالقة في أيام الأمير أبي عبد الله بن هود في عام ست وعشرين وستمائة نحوا من أربع سنين.

ثم إن أهل مالقة بغوا عليه وشنّعوا عليه القيام على الأمير ابن هود. فخرج عن مالقة قاصدا ابن هود إلى إشبيلية ليعرفه بذلك ويطلب منه الإقامة معه. فلقي أبا عبد الله بن الرميمي وزير ابن هود حينئذ، فردّه من الطريق إلى مالقة، وأقام بها معه أياما، ثم ذهب معه إلى غرناطة، فكبّل فيها، وثقف في أحد أبراجها مدة طويلة، ثم سرّح بعد ذلك، وامتحن في حياته كثيرا نفعه الله بذلك. فمن شعره يصف قوسا:

تكاد تصيب خافية الرّمايا … فترشق قبل أن ترمي إليها

كأنّ عمودها خود بخال (٢) … تخال قضيبها تاجا عليها

ومن شعره يصف دولابا: [طويل]

ودائرة في الماء سبحا تخالها … كردّانة في كفّ محكمة الغزل

فهذي تطير الماء من فرط سبحها … وهذي تطير القطن من شدّة الفتل

لقد شاقني منها أنين كأنّه … أنين بكائي يوم بنت عن الأهل

ومن شعره يرثي أبا محمد القرطبي: [كامل]

لا صبر للعلياء بعد وحيدها … سيّان حزن جزوعها وجليدها


(١) ترجمته في الذيل ١٦٣/ ٦ - وتاريخ قضاة الأندلس / ١١٢ وينقلان معا عن أعلام مالقة لابن خميس.
(٢) في الأصل أ: تخالها.

<<  <   >  >>